قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ملابس البالة في مصر.. من طوق نجاة للمستهلك في زمن الغلاء إلى بوابة تهريب تضرب الصناعة الوطنية وتحرم الدولة من مليارات الجمارك

البالة
البالة

في ظل موجة الغلاء التي تضرب أسواق الملابس، برزت “ملابس البالة” كخيار بديل فرض نفسه بقوة على الشارع المصري، جاذباً شرائح واسعة تبحث عن سعر أقل وجودة مقبولة. 

ومع اتساع رقعة انتشارها من الأسواق الشعبية إلى بعض المتاجر المنظمة، لم تعد تجارة البالة مجرد ظاهرة هامشية، بل تحولت إلى ملف شائك يثير جدلًا واسعًا بين مؤيد يراها متنفسًا اجتماعيًا واقتصاديًا في زمن الأزمات، ومعارض يحذر من تداعياتها الخطيرة على الصناعة الوطنية والاقتصاد الرسمي.

الجدل لم يتوقف عند حدود الذوق العام أو المنافسة السعرية، بل امتد ليطرح تساؤلات حول مشروعية هذه التجارة، ومدى خضوعها للرقابة، وحقيقة ما يتداول داخل الأسواق: هل هي ملابس مستعملة كما هو شائع، أم  بضائع جديدة تدخل البلاد بطرق ملتوية تحت مسمى “البالة”؟ وبين اتهامات بفتح أبواب للتهريب، والتحايل على قرارات حظر الاستيراد، وخسائر تتكبدها مصانع الملابس الجاهزة، تتصاعد التحذيرات من تأثيرات طويلة المدى قد تهدد آلاف فرص العمل.

في المقابل، يدافع تجار البالة عن نشاطهم باعتباره استجابة طبيعية لاحتياجات سوق يعاني من اختلالات حادة، مؤكدين أن هذه التجارة تخضع لقواعد معينة وتوفر بدائل حقيقية للمستهلك محدود الدخل، في وقت عجزت فيه المنتجات المحلية عن مواكبة القدرة الشرائية لقطاعات واسعة من المواطنين. 

25 % من حجم السلع المهربة| رئيس الشعبة يفجر مفاجأة: البالة ملابس جديدة وليست مستعملة.. وتحرم الاقتصاد من 38% لقيمة جماركها

وقال محمد عبدالسلام رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، إن التحذير من تجارة “البالة” لا يستهدف تنويع الأسواق أو حرية الاختيار، وإنما يستند بالأساس إلى مخالفة قانونية واضحة، موضحًا أن هناك قرارًا وزاريًا صريحًا يمنع استيراد الملابس المستعملة لما تمثله من مخاطر اقتصادية وصحية محتملة.

وأوضح عبدالسلام، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن ما يعرف بتجارة البالة يعتمد في جوهره على التهريب، مشيرًا إلى أنه بعد تشديد الرقابة وإغلاق عدد كبير من منافذ التهريب المباشر، اتجه المهربون إلى الخليج حيث يأخذون البضاعة الاستوكات من العالم كله ويرسلوها الى دول وسيطة مثل السعودية أو دبي، قبل إدخال الشحنات إلى مصر.

وأضاف أن القانون يسمح للمصريين العاملين بالخارج باستيراد أغراض شخصية في حدود معينة، سواء بصحبة الراكب أو عبر الشحن أو البريد، إلا أن هذا البند يتم استغلاله بشكل خاطئ.

شحنات تصل إلى 500 كيلو بجمارك 2% بدلًا من 40%

وأشار رئيس شعبة الملابس الجاهزة، إلى أن بعض المهربين يلجأون إلى شحن كميات كبيرة قد تصل إلى 500 كيلو جرام في شحنة واحدة لكل مستلزماته ولكنه يجعلها كلها ملابس، ويتم تمريرها بجمارك منخفضة لا تتجاوز 2%، على أساس إنها ملابس مستعملة في حين أن الملابس الجاهزة المستوردة تخضع لجمارك تصل إلى 40%، مؤكدًا أن المفارقة الكبرى أن هذه الملابس "ليست مستعملة من الأساس، وإنما جديدة تمامًا والليبل والسعر".

قرار حكومي بتخفيض حد الأغراض الشخصية إلى 150 كيلو سنويًا


وأكد عبدالسلام، أن انتشار هذه الظاهرة أدى إلى توسع خطير في حجم السوق غير الرسمي، ما دفع الشعبة إلى عرض الأمر على وزير التجارة والصناعة وشرح آليات التحايل القائمة، وهو ما أسفر عن صدور قرار جديد بتخفيض الحد الأقصى للأغراض الشخصية إلى 150 كيلو جرامًا سنويًا بدلًا من شحنتين بواقع 500 كيلو جرام لكل شحنة، مشيرًا إلى أن القرار بدأ تطبيقه بالفعل منذ نحو أسبوعين.

وفيما يتعلق بحجم تجارة البالة، أوضح عبدالسلام أن الأرقام الدقيقة يصعب حصرها، لكنها وصلت وفق تقديرات إلى نحو 25% من حجم المنتجات المهربة في السوق.

وحذر من أن هذه التجارة تلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الوطني، لكونها تحرم الخزانة العامة من الرسوم الجمركية الحقيقية، وتخلق منافسة غير عادلة مع المصانع المحلية التي تتحمل أعباء الضرائب والتأمينات وجمارك مدخلات الإنتاج، في حين يبيع تجار البالة بضاعتهم في الشارع دون أي التزامات قانونية.

ونفى رئيس الشعبة، أن يكون التحذير قائمًا فقط على مخاوف صحية، موضحًا أن منع استيراد الملابس المستعملة جاء في الأصل بناءً على تحذيرات دولية من احتمالية نقل الأمراض، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن المفارقة أن غالبية ملابس البالة المتداولة حاليًا جديدة وليست مستعملة، وهو ما قد لا يدركه حتى بعض البائعين أنفسهم.

واختتم عبدالسلام تصريحاته، بالتأكيد على أن مواجهة هذه الظاهرة تمثل ضرورة لحماية الصناعة الوطنية، والحفاظ على حقوق الدولة، وضمان عدالة المنافسة داخل سوق الملابس الجاهزة.


أسعار تبدأ من 15 جنيها| تجار البالة: لا تهدد الصناعة أو تسبب الأمراض.. وخلي الغلابة تلبس

قال أحد بائعي ملابس البالة بمنطقة الوكالة في تصريحات لصدى البلد إن حركة البيع تشهد إقبالًا ملحوظًا، مؤكدًا أن الأمور “تسير بستر من الله”، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

ماركات عالمية بأسعار تبدأ من 75 جنيهًا

 وأوضح أن أسعار الملابس تبدأ من نحو 75 جنيهًا، وقد تنخفض لدى بعض البائعين وفقًا لجودة القطعة، بينما تصل في أقصاها إلى 450 جنيهًا للقطع الأعلى جودة، لافتًا إلى أن الزبائن يقصدون السوق وهم على دراية تامة بالماركات التي يبحثون عنها، خاصة أن المعروض يضم علامات تجارية عالمية تناسب مختلف الأذواق والفئات العمرية، من الأطفال وحتى كبار السن.

 الملابس نظيفة وبواقي تصدير من الخارج

وفي السياق ذاته، أكد بائع آخر أن الملابس المعروضة “نظيفة ولا تحمل أي أمراض”، موضحًا أنها بواقي تصدير مستوردة من عدة دول مختلفة. 

وأضاف"عند وصول الشحنات نقوم بكي الملابس، ثم تعليقها على شماعات لعرضها بشكل لائق يتيح للزبون اختيار ما يناسبه بسهولة" ولكن يجب على الزبون ان يقوم بغسلها وتنظيفها قبل ارتدائها.

لا ننافس المحلات الجديدة.. لكل سوق زبائنه

وتابع أن بائعي ملابس البالة لا يمثلون عائقًا أمام حركة بيع المحال التي تطرح الملابس الجديدة، قائلًا: “نحن لا نوقف حال أحد، فالمحلات التي تبيع الملابس الجديدة لها زبائنها، ونحن نبيع نوعًا مختلفًا له جمهوره أيضًا”. 

وأكد أن حرية الاختيار تبقى للزبون، مشددًا على أن كل شخص يشتري وفق قدرته المادية وما يفضله في الملبس.

واختتم البائعون تصريحاتهم بالتأكيد على أن سوق البالة أصبح خيارًا لشريحة واسعة من المواطنين، في ظل ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، معتبرين أن الإقبال المتزايد يوضح وعي المستهلك الباحث عن الجودة والسعر المناسب، دون التخلي عن الذوق أو العلامة التجارية.