قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بين التعقيم والتوعية.. مواجهة ساخنة بين حقوق الحيوان والمجتمع السكندري

صورة من الفيديو
صورة من الفيديو

بين التعقيم والتوعية .. مواجة ساخنة بين حقوق الحيوان والمجتمع السكندري.. والسبب الكلاب الضالة
 

تصاعدت في الإسكندرية حدة الجدل حول الحيوانات الشاردة بعد واقعة المعمورة، لكن خلف العنوان المفضوح توجد استراتيجية طويلة المدى تروّج لها جمعيات وهيئات رسمية.. التعقيم، التطعيم، والتوعية. في حديثه الشامل كشف محمد الجزار، مفوض عام جمعية حقوق الحيوان بالإسكندرية، تفاصيلٍ مهمة عن الجهود الميدانية، الصعوبات التي تواجهها الحملات، والمفاهيم الخاطئة المنتشرة عن السعار والأكل.

استراتيجية واضحة.. تعقيم وتطعيم للحفاظ على التوازن

يشرح الجزار أن الخطة المعتمدة منذ سنوات في الإسكندرية تقوم على فكرة بسيطة.. السيطرة على التكاثر لمنع الزيادة السكانية للحيوانات الشاردة، مع تطعيم هذه الحيوانات ضد الأمراض، لاسيما داء الكلب. «لو عندي عشرة كلاب الآن فسيبقون عشرة ولن يزيدوا»، يقول الجزار، موضحًا أن عمليات التعقيم تمنع الإنجاب، ما يجعل الأعداد ثابتة وقابلة للنقصان الطبيعي بدلًا من التضخم.

هذه الحملات نفذت في مواقع عديدة داخل المحافظة.. كليات الجامعة (العلوم، الزراعة، الهندسة)، الشوارع المركزية، وأحياء مثل سموحة والعماريّة، وفق تصريحات الجزار، مع توثيق صور وأوراق مختومة تثبت عمليات التعقيم والتطعيم.

مواجهة الخرافات.. هل الأكل النيّ يسبب السعار؟

من أكبر المعتقدات المغلوطة التي يواجهها العاملون في هذا المجال أن «أكل الحيوانات النيئة يسبب السعار». يؤكد الجزار، على نحو علمي وعملي، أن السعار مرض فيروسي لا علاقة له بطريقة أكْل الحيوان، وأن التثقيف ضروري لكسر مخاوف قديمة متجذرة في الثقافة الشعبية ان «الكلب ليس نجسًا؛ سلوكه رد فعل لما يعانيه في البيئة».

التوعية في المدارس، ورش العمل المجتمعية، ومحاضرات التوعية هي أدوات تتبناها الجمعية بالتعاون مع الهيئة البيطرية لشرح السلوك الحيواني وكيفية التعامل مع الحيوانات الشاردة بطريقة تحفظ السلامة العامة دون اللجوء إلى العنف أو السموم.

المجتمع والعداء.. مقاومة عاطفية وممارسات خطيرة

الجزار لا يخفي وجود مقاومة مجتمعية منظمة ضد وجود الحيوانات؛ فهناك من يستهدفها بالتسميم، ونشر الصور المضرة، والتحريض على إيذائها. ويصفها بأنها «مجموعة من الناس يكرهون وجود الحيوان في المعمورة» ولهم سوابق في إيذاء القطط والطيور والكلاب. هذا السلوك يؤدي إلى تصاعد حلقة العنف الاجتماعية تجاه الحيوان، ويضع العاملين في المجال أمام تحدٍ مزدوج.. حماية الحيوان وتغيير قناعات المجتمع.

أخطاء في التنفيذ.. مهدئات بجرعات خاطئة وخطورة التعامل الفردي

رغم كل الجهود الرسمية، تحدثت الواقعة الأخيرة عن استخدام أقراص مهدئة للكلاب بطرق خاطئة. الجزار ينوّه إلى خطورة إعطاء حبوب منومة بجرعات غير محسوبة، إذ يمكن أن تؤدي لحدوث مضاعفات خطيرة وربما الموت. هذه الممارسات الفردية، وإن كانت في بعض الحالات تهدف لتهدئة الحيوان أو نقله، إلا أنها تظهر افتقادًا للإشراف البيطري المحترف.

الجزار يدعو إلى أن تتم كل عمليات النقل أو التدخلات الطبية تحت إشراف فنيين مؤهلين، وبإجراءات موثقة حتى لا تتحول نية حسن النية إلى فعل ضار.

حوادث سابقة ودعوة للمساءلة القانونية

استعاد الجزار حادثة سابقة (ذكرها أنها من 2019) تضمنت اعتداء على سيدة بسبب خلاف حول التدخين والطهي تحت عمارة، ثم تطورات انتهت بتوترات شارك فيها أشخاص مرتبطون بالمطاعم السورية. هذه الحوادث تشير لصعوبة انفصال الخلافات المجتمعية عن قضايا الحيوانات، فالتوترات الاجتماعية تُسهم في إشعال الصراعات حول المواضيع الحيوانية.

لذلك يطالب الجزار بالمساءلة القانونية لكل من يتورط في إيذاء الحيوانات أو التحريض على ذلك، وبالحصول على التسجيلات من كاميرات المراقبة لتبيان الحقيقة.

ما الذي يجب أن يتغيّر؟ توصيات عملية

اختتم الجزار بدعوة واضحة.. إعطاء الفرصة لبرامج التعقيم والتطعيم لتعمل بهدوء، ورفع مستوى التوعية المجتمعية خصوصًا بين الأطفال في المدارس، وتكثيف التعاون بين جمعيات حقوق الحيوان والجهات الحكومية وهو ما يحدث بالفعل على أرض الواقع حسب قوله. كما طالب بضبط إجراءات توثيق حملات التعقيم وتوفير المستندات الرسمية كي تتمكن الجمعيات من مواجهة أي ادعاءات زائفة.

 

واقعة المعمورة لم تكن سوى فصل جديد في صراع أوسع بين ممارسات اجتماعية تقليدية، ومبادرات علمية وإدارية تسعى للحفاظ على صحة الإنسان والحيوان معًا. الحلول ليست في العنف أو في العواطف الثائرة، بل في حكم القانون، والتوعية الرصينة، والتنفيذ الطبي الآمن. من يقف الآن ضد هذه الرؤية يخاطر بأن يُعمّق جراح المجتمع بدلًا من أن يحلّها. الجمعية ودوائر الطب البيطري تطلبان فقط أن تُمنح برامج التعقيم والتطعيم فرصة للعمل، وأن يُحفظ الحق في إثبات الوقائع بطريقة شفافة ومسؤولة.