لعله من الأهمية معرفة السر حول ثلاثة حق على الله عونهم سعيًا لأن نحذو حذوهم ونفوز مثلهم بمعية الله وعونه ، فهو ليس بالأمر الذي يمكن غض النظر عنه أو تجاهله وخسارته بسهولة، فهنيئا لكل ثلاثة حق على الله عونهم بهذا الفضل العظيم.
ثلاثة حق على الله عونهم
ورد أن الثلاثة الذين حق على الله أن يعينهم هم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء (لتحرير نفسه)، والناكح (المتزوج) الذي يريد العفاف (لتحصين نفسه من الحرام)، وهذه الأفعال شاقة وتتطلب عونًا إلهيًا، والله وعد بإعانتهم لتيسير أمورهم وتحقيق مقاصدهم النبيلة، كما ورد في حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
وجاء أن المجاهد في سبيل الله: هو من يقاتل لإعلاء كلمة الحق، ويُعينه الله لأن جهاده فيه بذل للنفس في سبيل الله، أما المكاتب الذي يريد الأداء: هو العبد الذي كتب على نفسه مبلغًا ليحرره.
فإذا سعى بجد لسداد هذا المبلغ نال حريته، يعينه الله على تحصيل المال وإتمام فكاك رقبته، والناكح الذي يريد العفاف: هو من يبتغي الزواج بقصد العفة عن الزنا، فيعينه الله على إعفاف نفسه وتكوين أسرة صالحة، وهي من أصعب الأمور التي تحتاج إلى عون إلهي.
لماذا هؤلاء الثلاثة
ورد أن السبب في ذلك لأنهم يواجهون صعوبات كبيرة في سبيل تحقيق أهداف شريفة: بذل النفس في الجهاد، بذل المال في الحرية، وكبح الشهوة في الزواج، وكلها أمور شاقة تحتاج إلى توفيق من الله، وهذا العون هو وعد إلهي لمن يسعى في هذه الأمور التي فيها صلاح الدين والدنيا.
حديث ثلاثة حق على الله عونهم
أخرج الترمذي (1655) واللفظ له، والنسائي (3218)، وابن ماجه (2518)، وأحمد (7410) باختلاف يسير، في سنن الترمذي ، عن أبي هريرة أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم : المجاهدُ في سبيلِ اللهِ ، والْمُكَاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ ).
شرح حديث ثلاثة حق على الله عونهم
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ثلاثةٌ"، أي: ثلاثةُ أصنافٍ مِن النَّاسِ "حقٌّ على اللهِ"، أي: واجبٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى على نفسِه "عونُهم"، أي: تيسيرُ أمورِهم، وتوفيقُهم ونحوُ ذلك، وهُم: "المجاهدُ في سبيلِ اللهِ"، أي: المحارِبُ بسِلاحِه لنَشرِ كَلمةِ اللهِ تعالى.
ويكونُ العونُ بتَيسيرِ أمورِ الجهادِ مِن أسلحةٍ وغيرِها، "والمكاتَبُ"، أي: العَبدُ الَّذي اتَّفَق مع مالِكِه على عِتْقِه إذا دفَع أو أدَّى إلى مالِكِه ما اتَّفَقا عليه مِن مالٍ أو غيرِه "الَّذي يريدُ الأداءَ"، أي: يُريدُ أداءَ ما اتَّفَق عليه مع مالكِه، فيُيسِّرُ اللهُ له ذلك.
وورد عن "والنَّاكِحُ الَّذي يريدُ العفافَ"، أي: الَّذي يُريدُ أن يتزوَّجَ ليُحصِّنَ نفْسَه مِن الزِّنا؛ وهذا لأنَّ تِلْكَ الأمورَ المذكورةَ مِن الأُمُور الشَّاقَّةِ والصَّعبةِ الَّتي تَقصِمُ الظَّهرَ، ولَولا أنَّ اللهَ تعالى يُعِينُ العبدَ عليها فإنَّه لا يَقومُ بِها، ولأنَّ كل واحدٍ منهم أرادَ أمرًا ندَب اللهُ تعالى إليه وحثَّ على فِعلِه، وهو سبحانَه الذي يُعينُ عِبادَه على ما أمَرَهم به.



