شهد عام 2025 تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في مسار العلاقات المصرية – الأوروبية، عكس انتقال هذه العلاقات من إطار التعاون التقليدي إلى مستوى الشراكة التنموية الشاملة، بما يدعم أولويات الدولة المصرية في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وتوسيع قاعدة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وجاء هذا التحول في إطار الجهود التي تقودها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي لتعميق التعاون مع شركاء التنمية الأوروبيين، وحشد التمويلات الميسرة، وتعظيم الاستفادة من الشراكات الدولية في دعم خطط الدولة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية.
وأعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في تقرير حصادها السنوي لعام 2025، تطور الشراكة الاستراتيجية المصرية الأوروبية، إلى جانب العلاقات الثنائية مع عدد من الدول الأوروبية، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع شركاء التنمية، ودعم أولويات الدولة، وحشد الاستثمارات والتمويلات الميسرة اللازمة لدفع جهود التنمية في مصر.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن العلاقات المشتركة بين مصر والاتحاد الأوروبي تشهد تطورًا مستمرًا منذ الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية في مارس 2024، بدعم من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وهو ما انعكس في تنفيذ الحزمة التمويلية البالغة 7.4 مليارات يورو، وزيادة الاستثمارات الأوروبية في مصر، وتوفير مزيد من الدعم لتمكين القطاع الخاص، فضلًا عن تنويع محفظة الشراكة لتشمل مجالات حيوية من بينها الابتكار، والتحول الرقمي، وتعزيز العمل المناخي، والتحول الأخضر، ودفع جهود التنمية الاقتصادية الشاملة.

وأوضحت الوزيرة أن عام 2025 شهد نقلة نوعية في الشراكة المصرية الأوروبية، لا سيما مع انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل خلال أكتوبر الماضي، والتي مثلت محطة فارقة في مسار العلاقات بين الجانبين، سواء من حيث مستوى التمثيل السياسي رفيع المستوى أو من حيث نطاق الاتفاقيات التي تم توقيعها، والتي فتحت مجالات أوسع للتعاون المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي. كما أشارت إلى أن العام ذاته شهد تطورات مهمة على صعيد العلاقات الثنائية مع عدد من الدول الأوروبية، تمثلت في استمرار تنفيذ برامج مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا، وتوقيع اتفاق إنشاء اللجنة الاقتصادية المشتركة مع سويسرا، إلى جانب عدد من الاتفاقيات والمبادرات التنموية الأخرى.
وشددت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على أن الوزارة مستمرة في جهودها لتحقيق مزيد من التقدم في العلاقات المشتركة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، ومن أجل دعم مسار التنمية في مصر عبر تعزيز الأولويات المشتركة مع الدول الأوروبية، واستكمال تنفيذ آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة، وتعظيم الاستفادة من آلية ضمانات الاستثمار بقيمة 1.8 مليار يورو.
وفي هذا الإطار، شهد عام 2025 التوقيع على مذكرة التفاهم واتفاق تسهيل التمويل الخاص بالمرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة المقدمة من الاتحاد الأوروبي، بإجمالي قيمة تبلغ 4 مليارات يورو، حيث تشمل هذه المرحلة تنفيذ 87 إجراءً للإصلاحات الهيكلية، يجري تنفيذها من خلال 14 جهة وطنية، وذلك عقب الحصول على الشريحة الأولى بقيمة مليار يورو، والتي شهدت تنفيذ 22 إجراءً من خلال 9 جهات وطنية.
وخلال العام، استقبلت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بعثات متعددة من المفوضية الأوروبية، كما عقدت اجتماعات موسعة مع الوزارات والجهات المعنية، للتباحث حول الإصلاحات الهيكلية المزمع تنفيذها ضمن المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة، إلى جانب مناقشة المشروعات المقترح تمويلها ضمن المخصصات المالية لعامي 2025 و2026، وذلك لتحديد الأولويات الوطنية في إطار منح تبلغ قيمتها 600 مليون يورو، وفقًا للإعلان السياسي المشترك بين الجانبين.
وفي يونيو 2025، أطلقت مصر والاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر التمويل التنموي للقطاع الخاص الذي نظمته الوزارة، آلية ضمانات الاستثمار بقيمة 1.8 مليار يورو، والتي تندرج ضمن الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وتهدف إلى إتاحة ضمانات أوروبية للقطاع الخاص بما يسهم في حشد استثمارات تصل إلى 5 مليارات يورو حتى عام 2027، ودعم مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية.
وفي سياق التركيز على القطاعات الاستراتيجية، تم خلال عام 2025 توقيع برنامج دعم الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية على المستوى المحلي بقيمة 75 مليون يورو في صورة منحة، إلى جانب توقيع الاتفاق التنفيذي على منحة دعم الاتحاد الأوروبي لتحسين تخزين الحبوب في مصر. كما تم توقيع برنامج دعم الاتحاد الأوروبي لاستراتيجية مصر الوطنية للسكان – المرحلة الثانية بقيمة 12 مليون يورو منحة، فضلًا عن توقيع اتفاق منحة الاستثمار لبرنامج الصناعة الخضراء المستدامة بقيمة 21 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، يديرها بنك الاستثمار الأوروبي، إلى جانب منحة استشارية بقيمة 8.8 مليون يورو للبرنامج ذاته.

كما تم توقيع اتفاق تمويل من بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 90 مليون يورو لتمويل مشروع المرونة الغذائية، والذي يمثل أول تعاون للبنك في مصر في قطاع التموين، وذلك على هامش زيارة المفوضة الأوروبية للمتوسط إلى القاهرة في فبراير 2025، إلى جانب توفير 800 ألف يورو لإعداد دراسة الجدوى لمشروع مراكز التحكم في التوزيع – المرحلة الثالثة، ضمن محور الطاقة لبرنامج «نُوَفّي».
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، اختتمت مصر وألمانيا جولة المفاوضات الحكومية لعام 2025 في العاصمة الألمانية برلين، برئاسة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، حيث تم توقيع اتفاقيات تمويل ميسر ومبادلة ديون ومنح وتعاون فني بقيمة 294.5 مليون يورو، شملت تمويلات لمشروعات الطاقة المتجددة ضمن برنامج «نُوفّي»، وإدارة المخلفات الصلبة، وتحسين بيئة الاستثمار، إلى جانب بروتوكول المفاوضات للعام الجاري. كما تم توقيع اتفاقيات جديدة لمبادلة الديون بقيمة 21 مليون يورو لدعم الطاقة المتجددة، و29 مليون يورو لمشروعات التعليم والصحة والتغذية.
وفي إطار العلاقات المصرية الإيطالية، شهد عام 2025 تنفيذ عدد من الاتفاقيات التنفيذية الممولة ضمن الاتفاق الثالث لبرنامج مبادلة الديون من أجل التنمية، شملت دعم مشاركة القطاع الخاص، وتمويلًا إضافيًا لمشروعات النمو الأخضر، والتعاون البيئي، والتعليم، وتمكين المرأة، وتعزيز السلامة والأمن بالمواقع الأثرية.
أما العلاقات المصرية الإسبانية، فقد شهدت تطورًا نوعيًا خلال عام 2025، خاصة في أعقاب الزيارة التاريخية التي قام بها الملك فيليبي السادس إلى مصر، حيث تم توقيع اتفاقية الشراكة من أجل التنمية المستدامة 2025–2030، وهي الأولى من نوعها للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، إلى جانب توقيع منحة بقيمة 1.5 مليون يورو لتمويل دراسة الجدوى الأولية لمشروع امتداد الخط الأول لمترو القاهرة، وتمويل إضافي بقيمة 500 ألف يورو لدعم تنافسية قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة.
وشهد العام كذلك تطورًا كبيرًا في العلاقات المصرية الفرنسية، مع الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، والتي تم خلالها توقيع الإعلان المشترك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وتجديد التعاون الفني والمالي بقيمة 4 مليارات يورو حتى عام 2030، إلى جانب توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات النقل، والصرف الصحي، والصناعة الخضراء المستدامة.
وفيما يخص العلاقات المصرية السويسرية، تم توقيع اتفاق إنشاء لجنة اقتصادية مشتركة بين البلدين، وعقد اجتماعها الفني الأول في مايو 2025، إلى جانب إطلاق برنامج التعاون السويسري الجديد في مصر للفترة من 2025 إلى 2028 بقيمة 60 مليون فرنك سويسري، يركز على الهجرة والتنمية الاقتصادية الخضراء وتحسين الحوكمة.

كما وقعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي خطاب نوايا مع مؤسسة تمويل التنمية السويدية SwedFund، لتوفير منح تنموية لإعداد دراسات جدوى لتحسين استقرار وكفاءة شبكة الكهرباء، وتمويل الخدمات الاستشارية لمشروع الأتوبيس الترددي BRT.
وفي إطار المتابعة المستمرة لتطوير العلاقات المشتركة، حرصت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي خلال عام 2025 على عقد العديد من الاجتماعات واللجان وورش العمل، بالتنسيق مع الجهات الوطنية وشركاء التنمية الأوروبيين، لمتابعة تنفيذ المشروعات الجارية، وبحث فرص التعاون في الصناعات منخفضة الكربون، وبرامج التعاون عبر الحدود، والمرافق الخضراء، ودعم التجارة والصناعة والنمو، فضلًا عن استقبال بعثتين رفيعتي المستوى من بنك الاستثمار الأوروبي خلال يونيو وديسمبر 2025، بهدف متابعة المشروعات القائمة والإعداد لمشروعات عامي 2026 و2027.



