قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الفاعل مصرى


أقسى انواع العجز التى يمكن ان تصيب انسان ليست تلك المنحصرة فى فقد القدرة على النطق أو الحركة وانما العجز عن الاحساس ..الاحساس بحجم مهزلة تتصاعد تبعاتها من حوله بينما يكتفى هو بالجلوس فى مقاعد المراقبين والمتابعين لسير تطورات الاحداث!
كارثة.. ان يفقد الانسان العادى احساسه بالمسؤولية بينما هو ذنب لا يغتفر ان يفتك العجز بولى الامر المسؤول عن قيادة أمة سلمت له رقبتها فيثنيه عجزه عن تحمل مسؤوليته بحمياتها.
لقد بات واقعا مع توالى احداث الايام الاخيرة ان بلادنا تنهار وهذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هى منطقية تحاول التأقلم مع افرازات المرحلة المقبلة.
اذا كنت مخطئة فى استنتاجى فسوف أحاول التفكير معكم بصوت عالى ربما المس نقطة ضوء تمكنى من تغيير وجهة نظرى.
- كشفت التحقيقات الاولية لمجزرة بورسعيد الكروية ان رائحة المؤامرة المدبرة حاضرة فيها خاصة بعدما ترددت أنباء مؤكدة حول ورود معلومات بوقوع هذه المآساة الدموية قبل ساعات من انطلاق المباراة ومع ذلك صرح مدير امن بورسعيد المقال لاحدى الفضائيات بأنه ادى دور بطولى لحقن الدماء ولولاه لاحترقت المدينة بأكملها مشددا على تواجده بموقع الحدث...ادى دور عبقرى لذا سقط أكثر من 70 قتيل ومئات الجرحى .. لذا ظهرت قيادته الحازمة للامن وهو يرتدى زى مدنى يتابع على أرض الملعب لهث اللاعبين لغرف خلع الملابس هربا من الموت المحقق بينما أحاط به رجاله لحمايته.. وقف يتابع وكأنه يشاهد أمامه شيىء غريب عليه كرجل أمن.
- حاولت كائنات غريبة لاتمت تصرفاتها لسلوكيات ثوار أو أشخاص أسوياء اقتحام مبنى وزارة الداخلية بل تمكنت من احراق مؤسسات تابعة للدولة واصابة سكان المنطقة المحيطة بها بالهلع ومع ذلك يتمسك الامن بأقصى درجات ضبط النفس ويكتفى بالقاء قنابل مسيلة للدموع لتفريق من اسماهم متظاهرين .. فقط قنابل مسيلة للدموع على عناصر مخربة اندست وسط شرفاء ثاروا لاستباحة دماء أبنائهم .. هل يعقل ان الامن غير قادر على احتواء الموقف؟ هل من المقبول تصور ضعف حيلة الجيش الذى انتصر فى أكتوبر 1973 بامكانيات متواضعة لا تقارن بقدرات العدو أمام مجموعة خارجين عن القانون؟ هل يمكن مسامحة أجهزة الامن التى تُصرف عليها أموال طائلة لتزويدها بأجهزة حديثة وكفاءات بشرية يفترض استشعارها الجريمة قبل وقوعها عن سلسلة جرائم منظمة اُرتكبت بحق هذا الشعب منذ اندلاع الثورة؟
وسط هذه الدوامة المفزعة غاب عن المشهد الجهابذة المرشحين المحتملين للرئاسة الذين اصابونا بتخمة عقلية من كثرة ما سمعنا أفكارهم التقدمية حول كيفية انتشال البلاد من كبوتها .. اختفوا وأزاحوا الستار عن مدى هشاشتهم فى النزول للجماهير الذين يتطلعون لحكمهم.
وسط تداعيات هذه الكارثة يُصدر المجلس العسكرى الحاكم الفعلى الذى يتواصل مع الشعب عن طريق " الفيس بوك" بيان ليؤكد فيه استحالة العبث بأمن مصر وتصديه للمؤامرات المحاكة ضد الوطن.. اى امن يقصده وكل شيىء أصبح مباح دون رادع؟ اى مؤامرة يواجهها وهو يبحث بعد انقضاء عام على الثورة امكانية توزيع نزلاء طرة على السجون المصرية لضمان وأد مخططاتهم الشريرة نحو مصر؟
لا أقصد من وراء سطورى توجيه اهانة لشخص أو مؤسسة بعينها على العكس تماما فأنا اثق بوجود نماذج لقيادات امنية جديرة بالاحترام لكنها لا تتلقى كل أوامرها من رؤساء شرفاء وأقدر الجيش لانه الحامى الحقيقى للوطن لكن المجلس العسكرى المنبثق عنه اثبت قدرته على الانجاز فى مواضع معينة دون الاخرى وهذا لاينتقص منه بقدر ما يعزز أهمية الاختصاص.
كل ما فى الامر انى ضقت من تكرار أسلوب عتيق فى التعامل مع شعب يحق له التواصل مع من يدير شؤونه. سواء كان هذا الشعب يسير على خطى سليمة أو خاطئة فهو بحاجة لمن يشعره بآدميته.. يشعره بأنه أساس هذا الوطن لا ان يتم تجاهله حتى يطفح به الكيل فيتحول الى جانى ومجنى عليه بذات الوقت.. فاحداثنا الاخيرة كلها الفاعل فيها مصرى ..مصرى يقتل ويخرب وفى المقابل مصرى انكسرت عزيمته وفقدت احلامه الثورية بريقها.
يا حاكمى البلاد انتم تعلمون جيدا مبتغى هذا الشعب وأعلموا انكم اذا وقفتم وراء تحقيقه فأنكم لاتقدموا منحة عزيزة المنال بل تؤدوا دين سوف تحاسبوا عليه أمام الله والتاريخ دينكم المعلق فى رقابكم هو تحقيق العدالة بكافة أشكالها.. حققوا العدالة لتستعيدوا ثقة الناس فيكم.. حققوا العدالة لتنقذوا ما يمكن انقاذه بهذه البلاد التى أوشكت على الضياع.
واذا كانت هناك نقطة ضوء واحدة يمكن التعويل عليها فانها تكمن فقط فى الانسان المصرى الذى يتحتم عليه النهوض مجددا مهما بلغت قسوة الظروف ينهض ليستعيد قيمه ومبادئه ونخوته وحبه الفطرى للوطن بعيدا عن المزايدة والتخوين والتخريب والاضراب.