خبراء : الثورة عجزت عن تغيير منظومة التعليم

فجرت عينة الغياب العشوائية التي أجرتها وزارة التربية والتعليم على طلاب مدارس الثانوية العامة فى 8 مديريات تعليمية بعد مرور شهر واحد من العام الدراسي مفاجأة من العيار الثقيل حيث أكدت نتيجتها بلوغ نسب غياب الطلاب فى الصف الثالث الثانوى 54 %، فيما وصلت النسبة إلى 48 % فى الصف الثانى الثانوى، وهما نسبتا غياب مرتفعتان مقارنةً بنسبة 9.8 % فقط فى الصف الأول الثانوى.
و قال بيان صادر عن وزارة التربية والتعليم ان إضراب المعلمين خلال بداية الدراسة أدى للإخلال بانتظام العملية التعليمية وانخفاض نسب حضور الطلاب .
و تعليقا على المؤشرات التى تضمنها التقرير قال د. كمال مغيث الأستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية و التنمية و مؤسس جمعية طه حسين للنهوض بالتعليم :" أرفض تماما محاولة الوزارة تعليق مهزلة ارتفاع نسبة غياب الطلاب بالمرحلة الثانوية على شماعة (إضراب المعلمين) ، فتفسيري لظاهرة غياب الطلاب في بداية العام الدراسي أن الطلاب كانوا يعتقدون أن حال التعليم سيتحسن بعد ثورة 25 يناير ، و لكنهم فوجئوا بأن الوضع السيئ ما زال قائما ، فالمناهج المليئة بالحشو لم تتغير و نظام الامتحانات لم يتغير و مازالت العلاقة بين الإدارة المدرسية و بين الطلاب و المعلمين لا تقوم على الديمقراطية و الاحترام ، و مازالت الأنشطة مهملة داخل المدارس .
و أضاف مغيث قائلا :مدارسنا أصبحت أكثر فوضى بعد الثورة فلا توجد إدارة حازمة و لا عقوبات صارمة ، و الطلاب يرون حولهم كل فئات الشعب غير راضين بحالهم يقومون باعتصامات و إضرابات دون أن يهتم بهم أحد . كما أن مشكلة وزير التعليم الحالي أنه يتعامل على انه وزير في وزارة مؤقتة ، و بالتالي فلم يسع الى القيام بأي تطوير حقيقي في نظام العمل داخل المدارس خلال اليوم الدراسي ، فلم يوص بالاهتمام بالانشطة و لا بتوفير المناخ الجاذب للطلاب مما ساعد على إشاعة الفوضى في المدارس.
وأكد مغيث أن الحل الوحيد امام الوزارة ان يصدر وزير التعليم قرارا عاجلا بربط الحضور و الغياب بدرجات تضاف للمجموع النهائي لطلاب الثانوية العامة و ان تكون هناك ايضا درجات على الانشطة و الابحاث التي لابد ان يعتاد الطلاب على ادائها اثناء اليوم الدراسي .
وأشار د. مصطفى رجب – استاذ اصول التربية و العميد السابق لكلية التربية جامعة سوهاج و الرئيس الحالي لهيئة محو الأمية و تعليم الكبار إلى أن غياب طلاب الثانوي عن المدارس امر ليس بجديد ، ويحدث منذ سنوات طويلة و لكن وزراء تعليم مبارك كانوا يتعمدون اخفاءه خوفا من تعرضهم للمساءلة ، اما هذا العام لاننا بعد الثورة فهناك شفافية اكثر و لذا أعلنت الوزارة عن هذا الغياب الآن و بالنسب ، و هذا شئ يحسب لصالحها . فمن المعروف أن طلاب الثانوي ينظرون للمدرسة على أنها تضييع للوقت و أنهم عليهم ان يوفروا هذا الوقت للمذاكرة و للدروس الخصوصية التي ستؤهلهم للمجاميع الكبيرة التي ستدخلهم كليات القمة.
و أوضح رجب قائلا إن الحل الوحيد لتشجيع الطلاب على الحضور للمدارس مرة أخرى هو أن يعود نظام لجان المتابعة التي كانت ترسلها الوزارة للمدارس بشكل مفاجئ ايام الدكتور حسين كامل بهاء الدين لمتابعة سير العمل بالمدارس طوال اليوم الدراسي و كتابة تقارير فورية عن وضع كل مدرسة ترفع للوزير شخصيا ليتخذ بشأنها قرارات صارمة و عاجلة من اجل الحفاظ على انتظام العملية التعليمية داخل المدارس بلا اي فوضى او تسيب لا من الطلاب و لا من المعلمين .