الشعب يريد من الرئيس.. تحقيق العدالة الاجتماعية
نواصل اليوم سلسلة المقالات عن ما يريده الشعب من الرئيس القادم، وكنا قد تناولنا من خلال المقالين السابقين المطلبين اللذين يطالب بهما السواد الأعظم من الشعب المصرى، وهما العمل على ضرورة عودة الأمن، وإصلاح المنظومة الاقتصادية.
واليوم نستكمل مطالب الشعب من الرئيس، وهذا المطلب رفع شعاراً لثورة 25 يناير "العدالة الاجتماعية"، وهى الهدف الذي ينشده جميع الناس، في شرق العالم وغربه، وأفترض أن جميع الفاعلين في الحقلين السياسي والاجتماعي يرونه أسمى الغايات التى يعملون من أجل الوصول إليها وتحقيقها، ومن قبيل الإنصاف نقول إن ثورتى 25 و30 يونيو، قامتا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والجميع يتذكر أصوات الشعب المصرى عند اندلاع الشرارة الأولى للثورة عندما طالبوا بـ"العدالة الاجتماعية".
ومن المسلم به فى أدبيات السياسة، الاجتماع المصرية، أن العدالة الاجتماعية ازدهرت فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر من خلال القرارات الثورية التى اتخذها لتحقيق العدالة الاجتماعية، ويأتى على رأسها قانون الإصلاح الزراعى، ثم التأميمات الشاملة للملكيات الصناعية والتجارية، تعديل نظام الضرائب تعديلا جذريا، وتوفير الخدمات الأساسية فى التعليم والصحة والمسكن، بأسعار زهيدة أو بالمجان, ثم اضمحلت العدالة الاجتماعية فترة الرئيس السادات ودخول مصر إلى ما يسمى "الانفتاح الاقتصادى"، وكانت فترة الرئيس المعزول مبارك الذى تلاشت فى عهده تماما ووصلت إلى الحضيض وسار على نهجه الرئيس المعزول مرسى.
إن مفهوم العدالة الاجتماعية هو تلك الحالة التى ينتفى فيها الظلم والاستغلال والقهر والحرمان من الثروة أو السلطة أو من كليهما، والتى يغيب فيها الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعى والتى يتمتع فيها الجميع بحقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية متساوية وحريات متكافئة، ولكن يجب الانتباه إلى أن العدالة الاجتماعية لا تعنى المساواة الكاملة أو المطلقة، أى أنها لا تعنى مثلا التساوى الحسابى فى أنصبة أفراد المجتمع من الدخل أو الثروة.
والتحدى الحقيقى أمام أى رئيس قادم هو إرساء مبادئ تحقيق العدالة الاجتماعية التى تضمن إزالة الفوارق بين الطبقات الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة على الموطنين بشكل عادل يحقق التقدم والتنمية لكل لأفراد المجتمع على حد سواء، ومن المؤكد أن الرئيس القادم عندما يتم اتخاذ قرارات حقيقية وجادة من أجل تطبيق العدالة الاجتماعية سوف يقابل ذلك تصاعد شعبيته ويزاد التفاف الشعب حوله لأن العدالة الاجتماعية هى قضية الشعب المصرى الذى عانى كثيرا خلال هذه السنوات، وأبسط أمانيه واحتياجاته حد أدنى للأجور مناسب يمكن من خلاله الوفاء بضروريات الحياة، رعاية صحية مناسبة، توفير مسكن ملائم.