قصة أول "علقة" تلقاها "نجيب محفوظ" بسبب الإنجليز.. صور

"الطفولة مرحلة جميلة من مراحل العمر يتلقى فيها الإنسان أشياء تستمر معه طوال العمر، وفي الطفولة أفراح وأحزان، وبعد مرور الوقت والأعوام ينسى الإنسان الآلام والأحزان وتبقى الأفراح والمسرات صافية، المتاعب تزول كلما ابتعدنا عنها، وأتذكر فقط عطف وحنان الوالدين".. بتلك الكلمات لخص الأديب العالمي الراحل "نجيب محفوظ" مرحلة طفولته وعلاقته بوالديه.
وتحدث الكاتب "إبراهيم عبد العزيز" في كتاب له بعنوان "أنا نجيب محفوظ" عن أهم المواقف الشخصية والمهنية التي تعرض لها الأديب الراحل على مدار حياته، والتي قام بتجميعها من خلال دراسة مجموعة من الحوارات والأحاديث الخاصة بـ"نجيب محفوظ"؛ وكان من أبرز المواقف التي وردت في الكتاب حول طفولة "محفوظ" وبداية تشكل وعيه ثقافته الوطنية، قصة أول "علقة" تلقاها الأديب الراحل بسبب الإنجليز.
وتحدث "محفوظ" عن تفاصيل ذلك الموقف قائلا: "أغلى ذكرياتي هي أيام الثورة الوطنية ثورة 1919، كنت صغيرا في الثامنة من العمر، وكنت قد سمعت أن الأمة تجمع توقيعات الناس لتأكيد أن الوفد المصري يحمل الصلاحية لتمثيل البلاد في مؤتمر الصلح، وجاء والدي يحمل أوراقا عليها توقيعات كثيرة آخرها هو توقيعه هو، وقال لي: وقع باسمك.. لكني لم أكن قد أتقنت كتابة اسمي، جربت في ورقة أخرى مرارا وتكرارا، لكن ظل اسم جدي إبراهيم مشكلة، وأخيرا وقعت بدون إبراهيم".
واستطرد موضحا أن والده كان يحبه ويعامله بحنان ولطف، "كان ديمقراطيا في تعامله معنا، وأتذكر أنه لم يضربني إلا مرة واحدة، عندما كنا نقيم في بيت القاضي، وكان البيت مطلا على الميدان، الذي كان يوجد فيه عساكر إنجليز، وكانت تعلميات والدي عدم فتح النوافذ المطلة على الميدان، لأن الإنجليز كانوا يخافون من النوافذ المفتوحة معتقدين أن الناس سيطلقون النار عليهم منها".
وذات يوم استغل "محفوظ" فرصة انشغال والدته، وقام بفتح النافذة حتى يشاهد العساكر الإنجليز ويقلد حركاتهم وأصواتهم وهم يديرون الطابور العسكري، لكن لسوء حظه فقد وجد والده فجأة "فوق رأسه وكله غضب".
وتابع: "جذبني والدي إلى الوراء وأغلق النافذة ثم طرحني أرضا، وأمسكت والدتي بقدمي ورفعتهما إلى أعلى، وظل والدي يضربني على باطن قدمي حتى تورمتا".