الدليل على حركة الجبال فى الحياة الدنيا

أخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم عن بعض أسراره فى خلقه لهذا الكون، وهى حركته للجبال الضخمة فالإنسان يظن أنها ثابته ولا تتحرك، ولكن هذا الظن خطاً فهى تتحرك مع حركة الأرض.
قال تعالى: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" سورة النمل:آية 88:مكية.
معنى الآية: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً " أي تظنها ثابتة وتحكم عليها بعدم الحركة لذلك نسميها الرواسي والأوتاد، ولكن فى الحقيقة "وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ" أي ليس الأمر كما تظن لأنها تتحرك وتمر كما يمر السحاب لكنك أيها الإنسان لا تشعر بهذه الحركة ولا تلاحظها لأنك تتحرك معها بنفس حركتها.
ولأن هذه الظاهرة عجيبة سيقف عندها الخَلق فأراد الله أن يزيل عنهم هذا العجب فيقول تعالى "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" يعني لا تتعجب فالمسألة من صُنع الله تعالى وهندسته وبديع خَلقه، واختار الله هنا من صفاته تعالى"الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" يعني كل خَلق عنده بحساب دقيق مُتقَن.
والبعض من الناس قد فهم الآية على أن مرَّ السحاب سيكون في الآخرة ولكن المقصود من هذه الآية حركتها فى الدنيا لأن قوله تعالى "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" هو امتنان من الله تعالى بصنعته والله لا يمتن بصنعته يوم القيامة إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا.
فإن السحاب لا يتحرك بذاته وليس له موتور يُحركه إنما يُحركه الهواء كذلك الجبال حركتها ليست ذاتية فيها فلم نرى جبلا تحرك من مكانه فحركة الجبال تابعة لحركة الأرض لأنها أوتادعلى الأرض فتتحرك تابعاً لحركة الأرض ولو خُلقت الأرض على هيئة السكون ما احتاجت لما يُثبتها فلا بد أنها مخلوقة على هيئة الحركة.
وقوله تعالى "إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" أى أنه سبحانه عليم بما يفعل عباده من خير وشر وسيجازيهم عليه أتم الجزاء.
ما يستفاد من هذه الآية الكريمة بديع صنع الله تعالى فى خلق الكون الذى يعيش فيه الإنسان أدعى إلى خشية الإنسان من خالقه فهو القادر على كل شىء.