حزب "المصلحة هى الحل" يحكم مصر

أنا لا أتهم أحدًا بعينه أوجهة أوحزبًا أوتيارا سياسيا محددا، ولكنى أتهم كل من باعوا الشعب المصري وعاثوا فى الأرض سعيًا لتصفية الحسابات ضد من أقصوهم وظلموهم فى الحقبات الماضية للثورة المصرية واستطاعوا بين ليلة وضحاها تغيير مواقفهم ومبادئهم من أجل اللحاق بسباق الصراع حول الكراسى والمناصب الذى أصاب كل المتصدرين للمشهد السياسي المصري، وهنا أتساءل: "هل نحن نعيش ثورة حقيقية أم هى بوادر ثورة شعبية تستطيع تحديد ملامح مستقبل وآمال وطموحات الشعب المصري".
واضح للعيان من سرق الثورة المصرية واستطاع السيطرة على كل شيء، ومن الواضح أنهم لايتبعون تيارا معينا فلكل تيار منهم منطقة نفوذه وسطوته التى يستطيع من خلالها ترويج أفكاره للشارع المصري، فالكل يعلم أن صناع الإسلام السياسي منظمون ولهم رصيد شعبى وبعض المصداقية لدى المواطن البسيط ومنطقة نفوذهم محددة ومعروفة وهى الشارع ذاته بتركيباته المتباينة المنتشرة داخل الدولة المصرية، وعلى العكس نجد أصحاب التيار الليبرالى والعلمانى واليسارى والتقدمى والقومى وغيرها من المسميات الحديثة على الشارع المصري لهم مناطق نفوذهم التى تشتمل النخبة المصرية ووسائل الإعلام والمنتديات الثقافية والتى تستطيع أن تشكل الرأى العام المصري نحو قضية معينة، ولكن السؤال الآن بعد عام من الثورة هل نستطيع أن نتخيل مشهد الحياة المصرية بعد عام من سيطرة هذه التيارات على الحياة السياسية المصرية؟
الإجابة المشهد مؤلم ويعكس حالة الشارع المصري الذى يعيش حالة تخبط وفوضى سياسية وأخلاقية غريبة وأعتقد أن السبب فيها هم صناع السياسة الذين تفرغوا من بعد الثورة لإلقاء الاتهامات والتنكيل لكل معارضيهم ونسوا أن الشعب أعطاهم أمانة كبرى وفوضهم من أجل صناعة المستقبل، ولكن بعد عام ماذا حدث، كل التيارات السياسية تبحث عن مكاسب ومناصب حتى أن قطاعًا عريضًا من الشعب المصري بدأ يفقد الثقة فيهم وترددت إشارات شعبية بحل البرلمان لأن لم يقدم للشعب شيئًا فهل يفيق السياسيون المصريون على مختلف مشاربهم قبل فوات الأوان.
متى تتخلى التيارات السياسية عن أطماعها الشخصية فى البحث عن شو إعلامى واختلاق قضايا وهمية أو صناعة دساتير وقوانين تخدم مصالحهم الشخصية والتى لا قيمة لها ولا تسمن ولا تغنى من جوع؟ متى نراهم متحدين للعمل من أجل المواطن المصري؟ ولماذا اختفى عدد كبير من النواب ولم يظهروا فى دوائرهم الانتخابية وتفرغوا لقضايا وهمية وأصبحم ضيوفًا دائمين فى برامج التوك شو؟ متى سنجد كل سياسي داخل وخارج الأحزاب والبرلمان يمشى فى الشارع ويجلس مع أهل مصر يستمع لهم ويشاركهم فى حل قضاياهم بموضوعية وحيادية ويفكر بصوت عالى كيف سنحل المشاكل المزمنة للمواطن المصري، فمن المستحيل حل كل شيء سياسيًا وحكوميًا، ويجب أن نعلى قيم المشاركة والتعاون فى كل المجالات من أجل مستقبل أفضل للمصريين جميعًا.
متى نجد الصدق والشفافية والوضوح فى كل شيء فى مصر فأصبحنا نعيش حالة عبثية من المعلومات المغلوطة والاتهامات بدون سند ودليل ومتى نرى إعلاما حقيقيا يسعى للمصداقية ولا يسعى لإشعال الحرائق فى كل ربوع مصر، حتى أننا فقدنا قيمة الاعتذار والتسامح فى الشارع المصري.
متى الشمس تشرق على كل المصريين بالخير والرخاء، ولماذا لم نجد سياسيا أو حزبيًا يقدم مشروعا قوميًا للزراعة أو الصناعة وغيرها من الأفكار التنويرية للتنمية فى كل ربوع مصر، أليس هذا أفضل بدلا من التفرغ لتصفية الحسابات والاستحواذ والسيطرة والتشكيك فى كل شيء، حتى أصبح المصريون ممزقين منقسمين على أنفسهم، فأصبحنا طوائف وجماعات وأحزاب كلها تحارب من أجل كرسى أو منصب وما قيمة كل هذا إذا خسرنا مصر.
يا كل سياسيي ورموز ونخبة ومثقفى مصر نتمنى منكم الاتحاد والتعاون من أجل مستقبل مصر، فالتحزب والتفرق لن يؤدى إلا لثورة جديدة تقضى على كل شيء، ولن يرحمكم التاريخ، فالشعب وثق بكم ويعطيكم كل يوم فرصة جديدة، فنتمنى أن تتعلموا أن الشعب المصري لن يصبر كثيرًا.