قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ثورة.. وصاحبها غايب!


قال لي الموصوف بالعبط على ناصية مقهى الوطن، في انتظار مستقبل نرجوه، نلوكه بعلكة الدخان، ونحتسيه مع قهوة الوقت المر! قال لي: يا عم ثورة.. ثورة مين؟! تقدر تقول لي وانت الفصيح الثورة دي صاحبها مين؟!
ألجمتني حكمته، وتذكرت لتوي الحكمة الخالدة: "خذوا الحكمة من أفواه المجانين!" فأومأت برأسي مستسلمًا وجلست، كأنني كنت في وقفة احتجاجية، أفكر بعمق وجدية، في مغزى أن يكون لديك ثوار لا يثورون، وشهداء لا يؤثرون، وإخوان في البرلمان يريدون السيطرة على شرعية الميدان، وانتخابات رئاسية قبل الخلاص من الدستور، وتكفينه على طريقة برلمان فتحي سرور، وسلفيون حازمون، وآخرون هائمون خلف الشيخ ابن الأميركانية والمناضل الاقتصادي في حل أزمات العملة الصعبة في الثمانينيات والتسعينيات، والذي مات متخومًا في أحد قصور الخليج، بينما أولاد حازم أبو إسماعيل يعلنون الموت جوعًا في سبيل مهديهم الذي صار مُنتظرًا على أبواب اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، و"استبن" الإخوان مرسي خلفًا للشاطر الذي وقع في الفخ، وغضب الشعب من ترشح الفلول، مما يعني أنه اختار الإخوان في الميدان كما اختارهم في البرلمان، والكل عامل فيها بريء وهو مدان!!
مولد جمعة لم الشمل، كانت جمعة لم الشامي على المغربي، وفي رواية أخرى جمعة لم المتعوس على خايب الرجا، وقد قال صديقنا عباس أبو الحسن، الكاتب والممثل، على صفحته: من النهاردة مفيش مليونية.. فيه مليون نية!
صديقتي الدكتورة في الفلسفة تتصل بي منزعجة وقد هالها تحالف من تسميهم ليبراليين، مع من تراهم خونة الدولة المدنية، ودعاة الخلافة الإسلامية، كان انزعاجها قبل تصريح أحد أعضاء ألتراس أبو إسماعيل عن رؤيته للشيخ في الحرم يتسلم من رسول الله راية الخلافة في مصر!
الكل يسأل: وبعدين.. مصر بتروح فين؟ والكل في الأساس يسأل عن مستقبله الشخصي، الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية (الإرهابية) يطالبون بعزل المفتي لزيارته القدس، وصلاته في المسجد الأقصى، الإخوان الذين طمأنوا تل أبيب على مستقبلها في ظل حكمهم وحكمتهم، والسلفيون الذين سافر أعضاء أحد أحزابهم على طائرة العال، وبتأشيرة إسرائيلية، يستنكرون، أما الجماعة الإرهابية التي أخرج الثوار الشرفاء أعضاءها وقيادييها من السجون، فليس من حقها شرعًا الفتوى، لإصابة أعضائها بتخلف عقلي مزمن، يستلذ طربًا برؤية الدم، ربما أكثر من تلذُّذه بسماع كلام الله عز وجل في قرآنه الذي نهى عن القتل!
البعض يرى أننا نتحول ببطء إلى دولة دينية على الطريقة الأفغانية، والبعض ومنهم العبد لله لا يتصور أن تتحول مصر إلى دولة دينية إسلامية، لأسباب كثيرة، ورغم دعم البيت الأبيض للحصان الأسود المنطلق لتصحير حياتنا المدنية، نعم تصحير روؤسنا بالتكنولوجية الغربية الكافرة، بدس لبن الإبل عبر إعلانات جوجل، على شبكة الإنترنت!
ما رأيناه في جمعة لم الشمل المزعومة، يؤكد أن الثورة التي بلا صاحب، بدأت تأكل نفسها، كالنار إن لم تجد ما تأكله، وما نيل المطالب بالتفرُّق يا سادة، ولا بتسع منصات في ميدان واحد، أغلبهم تيارات إسلامية متنازعة بين الحازم والمرسي، والباقي تتراوح مطالبه بين الدستور والرئيس، أما مصر فلا بواكي لها، وكأننا نصرخ: كلكم تبكون.. فمن خرب مصرنا؟!
فعلاً ثورة وصاحبها "الشعب" غائب، وليس له من المغانم نايب، وماذا نفعل في ظل ما نعانيه من غياب لصاحب الثورة عن ثورته؟! هل نستطيع الصمت حيال وطن تمزقه أهواء متصارعة، وظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج المواطن منا يده لم يكد يراها، وطن في محنة، ومواطن طحنه الشوق إلى الخروج بنفسه من محنة الوطن، ولا وطن لمن يرفعون أعلام وطن بديل!
وكأني في ميدان "التخدير" أصرخ في هوجة العته: أليس فيكم رجل رشيد؟!
ولا حياة لمن أنادي، متذكرًا مقولة نجيب محفوظ على لسان عبد ربه التائه: كيف ترانا نخرج من المحنة التي نعيشها يا مولانا.. فيرد الشيخ: إن خرجنا سالمين فهي الرحمة.. وإن خرجنا هالكين فهو العدل!
بخاف عليكي يا مصر.. وأعوذ برحمتك ربي من عدلك.. رغم يقيني بأننا لا نستحق من جلالتك إلا العدل!
[email protected]