باحث أثرى يستعرض حياة "أوجينى" فى ذكرى مرور 120 عاما على وفاة الخديوى إسماعيل
أكد الباحث الاثرى ولاء الدين بدوى رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة ان قصة حياة " أوجيني" إمبراطورة فرنسا، التي يعتبرها المؤرخون واحدة من فاتنات التاريخ اللائي لعبن أدوارا تاريخية مهمة، قصة درامية بالغة الغرابة حيث اعتلت عرش فرنسا لمدة 17 عاما فقط من سنوات عمرها التى وصلت إلى 94 عاما نعمت في بدايتها بما لم تنعم ببعضه امرأة وشقيت في نهايتها بما لم يشق بمثله إنسان.
وقال - فى تصريح له بمناسبة مرور 120 عاما على وفاة الخديوى إسماعيل – إن الإمبراطورة اوجينى وقعت فى غرام القاهرة عندما حضرت الحفل الضخم لافتتاح قناة السويس، والذى بلغ عدد المدعوين إليه ألف أجنبي، بدعوة من الخديوى إسماعيل عام 1869، وعبرت عن اعجابها الشديد بعظمة الحفل، حيث قالت "يا الهي لم أرى في حياتي أجمل من هذا"، و كان قد تجمع قناصل الدول والجاليات الأوروبية لاستقبالها ومرت اوجينى تحت أقواس النصر التى أقيمت ابتهاجا بقدومها.
وأضاف أنها كتبت لزوجها الإمبراطور نابليون الثالث "لقد خلعت القاهرة رداءها العتيق وبدت في أبهى حللها فحفلات الرقص والموسيقى التي أشاهدها خير شاهد على ذلك "، و حرصت خلال زيارتها على تفقد الآثار المصرية التى اعجبت بها وكان تعليقها على ذلك "حيا الله المصريين أنهم يعطون للموت اهتمام الناس بالحياة".
وأوضح أن وليمة العشاء التي أعدها الخديوي إسماعيل لضيوفه في قصره بالإسماعيلية ليلة 18 نوفمبر 1869 كانت بمثابة ( العشاء الامبراطورى الأخير) فلم تتح الاقدار لهذه الشخصيات أن يلتقوا مرة أخرى في مثل هذا الجمع؛ ولم يخطر على بال أوجينى إن الذي يجلس على يسارها "فردريك ديلهلم"ولى عهد بروسيا سيسقط إمبراطوريتها بعد أقل من عشرة أشهر بعد أن يهزم زوجها نابليون الثالث ويعلن ميلاد إمبراطورية جديدة لألمانيا الموحدة وتتويج والده إمبراطورا لها من قصر فرساي بعد هرب الإمبراطورة والإمبراطور بعد الحرب السبعينية نسبة إلى عام1870م الى انجلترا.
وتابع أن الخديوى اسماعيل لم يخطر على باله أيضا، والذي كان يجلس أمام الامبراطورة اوجينى على مأدبة العشاء، أن الرجلين اللذان يجلسان أمامه (فرانسوا جوزيف) إمبراطور النمسا وولى عهد بروسيا سيأمران فرنسا وانجلترا لخلعه من مصر عام 1879م.
وكشف ولاء الدين بدوى ان عام 1870، بعد حفل افتتاح قناة السويس، كان بداية الاعوام المأساوية بالنسبة لاوجينى حيث وقعت كارثة سقوط الإمبراطورية الفرنسية وفى نفس العام توفى "ميريميه " الصديق الوفي لها في أيامها السعيدة وأوقات الشدة والتعس، وبعده بسنوات تم خلع السلطان عبد العزيز الذي نزلت عنده في الاستانه وهى قادمة من فرنسا إلى القاهرة ثم انتحاره عام 1876.
واضاف أن الاقدار كانت قد أعدت لاوجينى مرحلة من الأحزان والكوارث المتتالية ففي عام 1879 تم خلع الخديوي إسماعيل، و قتل ابنها (لويس نابليون) أثناء اشتراكه في الحرب ضد قبائل (الزولو) بجنوب إفريقيا، وفى عام 1894 توفى دى لسبس رفيق العشاء الامبراطورى الأخير الذي كان يجلس أمام اوجينى والى جوار الخديوي إسماعيل فى حفل قناة السويس، ثم وفاة الخديوي إسماعيل فى مارس 1895، وفى عام 1901 جاءت الأنباء لاوجينى بوفاة الملكة (فيكتوريا) ملكة انجلترا التي آوتها بعد فقدها عرشها.
واوضح انه قدر لاوجينى أن تعيش 94عاما (1826م غرناطة-1920م مدريد)لترى أو تسمع من المكان الذي كانت تقطنه أخبار سقوط الإمبراطوريات، والأباطرة، والملوك، والأمراء، والأصدقاء، وظلت حتى أواخر أيامها مولعة بالإسفار حتى أنها كانت سنويا بعد موت الخديوي إسماعيل تزور مصر وتبدأ اقامتها في القاهرة بزيارة أرامل الخديوي إسماعيل وكافة الأماكن التي زارتها معه.
وذكر أنها فى اواخر ايامها أرادت ان تزور اسبانيا موطنها الاصلى فسافرت، وهناك مرضت بعينيها وأجريت لها عملية جراحية لم تتحملها فمرضت وتوفيت في فجر يوم 11 يوليو 1920م بالغة من العمر أربعة وتسعين عاما.
وكانت اوجينى قد جاءت من غرناطة لتتلقى تربيتها في باريس (بدير القلب المقدس)الارستقراطي النزعة والاتجاه وكان لويس نابليون رئيس الجمهورية الشابة التي أعلنت على اثر ثورة 1848 فلم يلبث هذا الأمير ان لمح جمال تلك الفتاة الاسبانية الساحرة ومظهرها الذي تبدو عليه العزة والجلال حتى نجح في عام 1853م من الزواج بها وأصبحت الفتاة الاسبانية تدعى إمبراطورة فرنسا.