قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الأزهر وبحيري.. تفكر وخلاف أم تصفية حسابات

0|وليد الحريرى

تذكرت جواب الفيلسوف والمفكر الكبير إيمانويل كانط عندما سألوه عن معنى التنوير. وأجاب: "إنه خروج الانسان من مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد"، ومن هذه الإجابة أطلق صرخته التنويرية قائلاً "أعملوا عقولكم أيها البشر ولتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم، فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب، تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر، فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها".
إسلام بحيري.. ظهر فجأة وتوازى ظهوره مع تألق نجم الفصيل الإسلامي بل ووصولهم للحكم، وتوازى ظهوره مع ظهور أبواق هذا الفصيل الذين أتحفونا علي الدوام بخطاباتهم المكفرة والمتطرفة والداعية للإبحار في ظلمات الجمود وعدم التفكير والدعوة للتطرف الفكري المتشدد.
ظهور إسلام بحيري في اعتقادي كان نتاجا طبيعيا لهذا التطور الفكري الديني وكذلك السياسي! الذي مررنا به في سنواتنا العشرين الأخيرة، وكما هو الحال في كل دين عرفه البشر عبر حياتهم تواجد على الدوام الاختلاف والخلاف حول الفهم لمسائل الدين الفقهية دون المساس بالثوابت قطعية الثبوت، وتواجد على الدوام مفكرون ومجتهدون حملوا معاول هدم قلاع من الحقائق ظنها البشر لعقود كأوتاد ورواسخ لا تقبل الهدم أو التشكيك.
وطالما هوجم المفكرون عبر العصور وكفروا بل وقتلوا وجرموا وسجنوا وعذبوا، وطالما أثبتت السنوات أن الكثيرين من هؤلاء الذين جرموا هم من حمل البشر فيما بعد مشاعل اجتهاداتهم وتنويرهم لمجتمعاتهم عبر قرون وقرون.
وتألق نجم البحيري صنع حلقة جديدة من حلقات التنوير التي لها على الدوام أعداؤها من كهنة الثوابت الجمودية الرافضة لأي تفكر يدعو للتشكيك أو التغيير، ومن حملة مشاعل الكهنوت اللاهوتي المحاط بالتابوهات المتصلبة، كما أن نجاحه خلق له كعادة الناجحين جحافل من الأعداء لنجاحه تارة ولما يقول تارة أخرى.
كما أن خوض إسلام بحيري في بعض الآراء الفقهية التي هي نتاج اجتهادات بشرية محضة لها ثوابان إن أصابت وثواب إن أخطأت حالها حال كل الاجتهادات الفكرية.
وبالطبع في ظل هذا التركيز الإعلامي على الانتفاضة التي قام بها أزهرنا الشريف، قلعة العلم والعلماء، على حلقات وآراء إسلام بحيري وتجريمه على ما اجتهد فيه وكان له عليه الثواب وقتما أصاب أم أخطأ،
فاللحق الذي أراه أقول إن اجتهادات إسلام بحيري وجدت رواجا حالها حال كل حلقات التنوير والتحديث التي تم تداولها عبر تاريخنا كله ولن يسعنا حصرها منذ بدايتها من القرون الأولى للإسلام وحتى اليوم ولن نستطيع حصر كل هؤلاء المفكرين الإسلاميين الذي اجتهدوا عبر كل تلك القرون لإثبات ما هو غير مثبت بالنص قطعي الدلالة والذي يحق فيه التفكر والتشكيك والتناول بما لا يهدم ثوابت الدين.
ولم أر في آراء واجتهادات البحيري ما يجعل مستشار الأزهر الشريف يقوده لقاعات المحاكم طلبا لإيقاف برنامجه الذي يعرض اجتهاداته.
وحاولت ذاكرتي دون جدوى استدعاء نص المذكرة التي قدمها مستشار أزهرنا الشريف، قلعة العلم والمعرفة، في أمثال عبد الله بدر أو أبو إسلام أو جحافل نجوم التيار السلفي الذين أتحفونا على الدوام بالفكر المتطرف بل والمضاد في أكثر الأحيان لنفس الاجتهادات البشرية التي أسندت لآراء الفقهاء التي هي محور هذا الهجوم الذي يجب أن يكون ميدانه الكلمة والاجتهاد وليس القاضي والقضاء.
والقضاء إن حكم على الاجتهاد فكأننا نطالبه بالحكم على استخدام العقول.
وحقيقة، لم يستطع خيالي ألا يتساءل عن حجم الاختراق الحادث لمنبر العلم والمعرفة وقلعة الفكر والمفكرين أزهرنا الشريف من جحافل المتطرفين من فصيل الإسلام السياسي وحجم هذا الفصيل المخترق في هذا الهجوم الحادث على إسلام بحيري، ومن بين شفاه علماء أجلاء من تلك القلعة الفكرية، هناك اختراق بالفعل واقع علي تلك المؤسسة العملاقة التي يحق لنا أن نتساءل عن جدوى لجوئها للقضاء، هل هو دفاعا عن الجمود ضد التفكر ودعوة للتصلب فيما هو ليس مطلق بالثبوت أم هو.. تصفية حسابات.