قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

البحث عن الجنزوري


حينما بعث المشير طنطاوي،رئيس وزراء مبارك لمدة ثلاث سنوات ووزير تخطيطه 13 عاما كمال الجنزوري من منفاه الاختياري الكائن بشقته بمصر الجديدة،وأعاده إلى مكتبه في شارع حسين حجازي بعد 12عاما من خروج مذل اختفى خلالها عن الانظار تماما،واكتفى بتناول قهوة الصباح في بلكونة شقته وقراءة صحف الصباح ثم شرب شاي العصر وأداء بعض الواجبات الاجتماعية،قبل ان يخلد إلى النوم مستسلما لقدره ومصيره.
حينما بعثه طنطاوي من مرقده،ظن كثيرون ان الجنزوري عاد لينتقم من الإبعاد والتشويه، عاد لينهي حياته بطريقة مشرفة تمحي طريقة الاستبعاد الأولى المهينة،عاد ليوظف خبراته وعلاقاته ليكتب صفحة مشرفة في تاريخه بإعادة الأمن المفتقد وإدارة عجلة الاقتصاد،لكن القدر شاء ان يدخل الجنزوري مكتبه على جثث 18 شهيدا ودماء مئات المصابين استشعروا مبكرا عدم قدرته على إدارة شئون البلاد في تلك المرحلة الحساسة التي تتطلب ثوريا لا إداريا.. مشاركا في الثورة لا متابعا لها عبر الفضائيات..موقنا انها ثورة حقيقة لا انتفاضة إصلاحية.
دخل الجنزوري مكتبه محصنا بتأييد الإخوان الذين ارتعدوا من"بعبع"البرادعي،وحالوا بينه وبين المنصب،ورأوا في الجنزوري وجها مألوفا يسهل ترويضه،فصمتوا على الدم الذي اريق،وتهربوا من الاستحقاقات الثورية،وراحوا يستكملون مخطط "التمكين"بالاستحواذ على أغلبية مقاعد البرلمان،فيما كانت القوى الثورية تحارب معركة استبعاد الجنزوري بمفردها متعرضة لقوى وحشية قتلتهم واستحلت دمائهم وعرت نسائهم.
صمت الجنزوري تماما كما صمت الإخوان،ثم خرج بعد أيام ليتحدث عن مشروع البتلو والتصالح مع المستثمرين،تماما كما صمت الإخوان عن اتهام الثوار بالبلطجة وتنفيذ أجندات اسقاط الدولة.
وواصل الجنزوري اختفائه رغم تأكيده انه أخذ سلطات رئيس الجمهورية،وعندما دقت ساعة الحقيقة والمواجهة بعدما تقاطعت المصالح وظن الإخوان ان الأرض دانت لهم ووجب استكمال قطف الثمار بالاستحواذ على رئاسة الحكومة،ساومت الجماعة بورقة ترشيح الشاطر،وتمسك العسكر برجلهم المطيع الجنزوري،وتاهت مصر في لعبة عض الاصابع وصراع الإرادات.
5 شهور كاملة قضاها الجنزوري في رئاسة الوزراء،فماذا تحقق،هل عاد الأمن؟هل دارت عجلة الاقتصاد؟هل ضخت الاستثمارات؟هل جاءت القروض من البنك الدولى؟هل وجد المصريون رغيف الخبز وانبوبة الغاز والسولار؟هل ظهرت نتائج تحقيق المذابح التي ارتكبت في ماسبيرو ومحمد محمود وأمام مقر حكومته؟
أمس الجمعة تدفق الالاف من الشباب إلى ميدان العباسية وعشرات الالاف إلى ميدان التحرير يهتفون يسقط حكم العسكر،بعد أيام من اعتصام دام قتل خلاله 11 شابا وجرج أكثر من 300 ظنوا ان نظاما سقط، فواجهوا الموت بأسحلة بقاياه المأجورين،ولم يكلف الجنزوري نفسه باصدار بيان–مجرد بيان- باعتباره مسئولا عن الحكومة التي تحكم مصر بصلاحيات رئيس جمهورية،لم يوجه وزير داخليته إلى العباسية لحماية المعتصمين،لم يطلب من أجهزة الأمن القبض على القتلة الذين انتشروا في الشوارع لمدة 24 ساعة،لم يوبخ وزير إعلامه لاتهامه الثوار بالبلطجة واسقاط الدولة،ترك الأمر برمته وكأنه لا يعنيه وراح يستكمل عاداته يوم الجمعة،وتناول قهوة الصباح في بلكونة منزله التي ربما سمع منها صراخ الجرحى وأصوات الامهات الثكلى وهتافات الثوار.
اختفى الجنزوري تماما عن المشهد بإرادته مثلما فعل عندما أطاح به مبارك،واكتفى بالصمت ولم يجرؤ على نطق حرفا واحدا،في وقت دفع فيه الثوار دمائهم التي أعادته إلى مكتبه بشارع حسين حجازي،وحينما حانت ساعة الحقيقة تأكدنا انه لا يملك صلاحيات مجرد غفير درك شرطة لا رئيس جمهورية،كما تأكدنا ان الصمت صفة لصيقة بالجنزوري تجنبه مخاطر الصدام مع السادة.
فكرت ان أنشر إعلانا على غرار"ابحث مع الشرطة" لأعرف مكان اختباء الجنزوري، ووجدت انني أضيع وقتي ومالي، فمكان الجنزوري معلوم تماما كما موقفه،وسيخرج بعد يوم أو اثنين ليتحدث عن استكماله إجراءات مشروع البتلو وصرف انبوبة الغاز بكوبون التموين.