للوهلة الأولى من المتابعة لبرنامج "دولة التلاوة"، تشعر وأنك أمام برنامج استثنائي متفرد في كل تفاصيله وعناصره من ديكور مرورا بالإضاءة والإخراج والتصوير والمحتوى، وعلى رأسهم درة التاج المتمثلة في الفكرة نفسها، تلك الفكرة التي تعيد إلى الأذهان المقولة الشهيرة: "القرآن نزل في الحجاز وقُرئ في مصر"، في إشارة إلى المدرسة المصرية العريقة في فنون التلاوة.
وبالتزامن مع متابعة تفاصيل الحلقة الأولى، تشعر بالفخر باعتبار البرنامج إنتاج مصري خالص، بما يمثله كنوذج شديد التفرد في إعادة تقديم فنون الترتيل بروح تليق بمكانة مصر وتاريخها في خدمة القرآن الكريم. ومن وجهة نظري، أرى أن "دولة التلاوة" يجسد قوة مصر الناعمة في أبهى صورها، ويؤسس لمرحلة جديدة من تصدير الإبداع المصري إلى العالم العربي والإسلامي.
ولعل أهم ما يميز البرنامج حقا أنه لا يكتفي بإبراز جماليات التلاوة وروحها، بل يقدم للمجتمع نماذج راقية نحتاج إليها اليوم؛ نماذج تجسد الالتزام، والتهذيب، والقدوة الحسنة، فالآثر المنتظر من برنامج كهذا يمتد إلى أبعد من شاشة العرض، فهو يرسخ قيما إيجابية في وجدان الأطفال والأجيال الجديدة، ويعيد ربطهم بجمال القرآن وأخلاقه ومبادئه، ونحن أحوج ما يكون إلى هذه القيم في يومنا هذا.
بالتأكيد كنت انتظر أن يضم البرنامج متسابقين من كل دول العالم الإسلامي، ولا أدري إن كان هذا مطروحا في الحلقات القادمة أم لا، إلا أنه يبقى محطة مهمة حال تنفيذها. كما أن استضافة شخصيات استثنائية في كل حلقة ستضيف بعدا ثريا إلى التجربة.
وفي كل الأحوال، تبقى التحية مستحقة لصناع هذا العمل، الذين نجحوا في تقديم تجربة استثنائية تجمع بين الاحترافية والهوية، وتعيد التأكيد بأن مدرسة التلاوة المصرية ستظل دائما قبلة للأذن والقلب معا