الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المتغيرات العالمية والاقتصادات العربية


يتعرض العالم لعدة متغيرات اقتصادية، تؤثر بالتبعية على الاقتصادات العربية، وتفرض بطبيعة آثارها على حكومات الدول فى المنطقة ومنها بلادى مصر، ضرورة انتهاج سياسات اقتصادية جديدة تكون قادرة على مواجهة تلك التغيرات ، وامتصاص آثارها السلبية ، بما يسمح بالمضى قدما فى تحقيق معدلات النمو المستهدفة.

فقبل أيام شهد العالم وتحديدا فى قارة أوروبا متغيرا جديدا تمثل فى قرار البريطانيين بخروج بلادهم من الاتحاد الأوربى، وما يستتبع ذلك من آثار اقتصادية على العالمين الدولى والعربى، ومن قبله كانت أزمة النفط العالمية التى ما زالت تلقى بظلالها على الاقتصاد الدولى حتى الآن، والتى فرضت بالفعل سياسات اقتصادية جديدة، تحديدا على الدول المنتجة للنفط سواء من داخل منظمة الدول المصدرة "أوبك" أو حتى من خارجها، نظرا لما خلفته الأزمة من تراجع حاد فى أسعار النفط، ومن ثم تهاوى إيرادات الدول النفطية وتحديدا العربية والخليجية.

وسبقت ذلك كله الأزمة المالية العالمية التى فرضت على العالم ما يشبه الدخول فى صراع جديد من أجل العملات واستقرار أسعار الصرف ، وهو الأمر الذى دفع بالقوى الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل من أجل الحفاظ على عملتها قوية فى مواجهة العملات العالمية الأخرى.

كل تلك المتغيرات تفرض على الاقتصادات العربية ضرورة اتباع سياسات جديدة تعمل على الحد من حالات الانكماش والتراجع التى تتعرض لها بعض الاقتصادات والنهوض بها من كبوتها ، خاصة فى ظل تراجع معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر ، والذى يمثل بدوره عاملا رئيسا فى حصيلة العملة الأجنبية.

وقد بدأت دول عربية وخليجية اتخاذ سياسات بديلة لمواجهة الآثار السلبية لتلك المتغيرات ، فأعلنت التوجه نحو سياسات توسيع مشاركة القطاع الخاص فى التنمية ، وإعادة النظر فى سياسة الدعم والنظم الضريبية ، فضلا عن اتفاقات خارجية لدعم التجارة الخارجية ، بما يعزز من الأداء الاقتصادى للدول العربية.

غير أن الاقتصادات العربية ، ومنها مصر ، مازالت فى حاجة إلى سياسات أخرى تتعلق بالسياستين النقدية والمالية ، والتى تتصل اتصالا مباشرا بالادخار ومن ثم تشجيع الاستثمار ، وكذلك معدلات الفائدة على الودائع والقروض ، والذى يؤدى ذلك كله الى تشجيع الاستثمار سواء عن طريق تحويل مدخرات القطاع العائلى إلى الاستثمار أو عن طريق تقديم تسهيلات ائتمانية لتمويل المشروعات والتوسع فى القروض بشروط ميسرة ، وذلك نظرا لما يمثله الاستثمار من أهمية كونه أحد دعائم الاستقرار الاقتصادى فى الدول العربية.

غير أن الواقع الاقتصادى يقول إن الدول العربية ، وتحديدا الخليجية ليست لها استراتيجيات اقتصادية واضحة ، يمكنها اللجوء إليها لمواجهة التداعيات السلبية لتلك المتغيرات العالمية ، وذلك نظرا لاعتمادها وبشكل كبير على عوائد النفط ، كمصادر لتمويل الموازنات ، مما عرضها لعجز كبير خاصة فى الدول التى تعتمد فى جزء كبير من إيرادتها على عوائد النفط ، وتحديدا من داخل منظمة الدول العربية المصدرة للنفط "أوابك" كالسعودية والامارات وقطر وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجى ، وهو مايعنى أن الاقتصادات العربية مرشحة لمزيد من النتائج السلبية ، على الأقل فى الأجل القصير نظرا لعدم امتلاكها لسياسات اقتصادية بديلة جاهزة للتطبيق ، مما يجعلها تدخل دائرة التجربة / الخطأ وما يستتبعها من تقلبات اقتصادية تنعكس على المواطن العربى.

الدول العربية إذن فى حاجة إلى مكاشفة اقتصادية وإعادة النظر فى طبيعة العلاقات التى تربط بعضها البعض ، والعمل على تعزيزها بما يسمح بمزيد من التكامل الاقتصادى ليس حفاظا على الاقتصادات الساعية للتقدم ، ولكن أيضا للحفاظ على اقتصادات الدول الكبيرة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط