صناعة السياحة.. مقارنة

كنت في زيارة قصيرة لإحدى الدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط، وهي دولة صديقة لمصر إذا أن الاثنين ينتميان لحضارتين قديمتين وعريقتين، وقد زرت هذه الدولة عدة مرات على مدى 35 عامًا، لكن في هذه المرة حزنت لأن هذا البلد الذي يمر بضيقات اقتصادية طاحنة قد تأثر تأثرًا كبيرًا، فبعد أن كان في وقت من الأوقات ازدهر اقتصاديًا بسبب اهتمام الدولة هناك بالزراعة والصناعة، أصبحوا يستوردون أغلب الأشياء من الخارج والصناعة أصبحت ضعيفة وهزيلة مما جعل البلد على شفى الإفلاس، والسبب في ذلك على ما أعتقد هي العولمة وسياسات الاتحاد الأوروبي التي دمرت اقتصاد بعض الدول الأوربية ذات الاقتصاد المتوسط الحال مثل هذه الدولة التي اتكلم عنها، والنتيجة انعكست في أن كل شيء أصبح قديمًا ومترهلًا على سبيل المثال الطرق والكبارى والمبانى والمصالح وما إلى ذلك، أما الشعب فيشكو ويئن، إذ ان كل شخص يعمل في أكثر من وظيفة يوميًا، مما ينعكس أيضًا على وضع الأسرة الاقتصادي والترابط العائلي وإلى آخره من المشاكل التي تظهر كرد فعل لهذا الوضع التي نعرفها جيدًا في مصر، ولكن بالمقارنة البسيطة نستطيع أن نرى أن بلادنا تسير الآن على مسار صحيح نتمنى أن يستكمل بجهد وسواعد والعمل الدؤوب لشعبنا.

تبقى صناعة واحدة في تلك الدولة الأوربية الصديقة التي لم تضمحل بل هي في ازدهار مستمر وهي صناعة السياحة، فالفنادق هناك كاملة العدد، ومن الصعب إيجاد غرفة للإقامة والمدهش أن كثيرا من السياح هناك مصريون يقضون إجازتهم الصيفية هناك، ولا يفوتون فرصة المشتروات من كل لون وصوب، خاصة أن المحلات هناك تقدم خصومات كبيرة، بل أصبحت بعض العائلات المصرية تقيم أعراس أبنائها هناك.

هذا الشعب الصديق لمصر تخصص في صناعة السياحة في كل مجالاتها خاصة المطاعم النظيفة والتي تقدم خدمة مميزة، ناهيك عن نظافة الأتوبيسات وسيارات التاكسي والمطارات المزدحمة، والأدب الجم في معاملة الضيوف، والكل الآن يتكلم الإنجليزية بجانب اللغة الأم التي لا يعرفها إلا أصحابها.

أعتقد أن علينا في مصر أن تتشكل ذهنية شعبنا في أهمية السياحة بالنسبة لنا ولاقتصاد بلادنا الحبيبة مصر، وهذا يندرج في مجال التعليم والتكوين الإنساني الذي يمر في مصر بأزمة كبيرة لا تخفى على أحد، ولكن علينا الإسراع في تصحيح مسار التعليم في مصر حتى تستطيع أن تنعكس في كل المجالات، خاصة في السياحة التي أصبحت الآن ولأسباب كثيرة -لا داعي لذكرها الآن- في شبة غيبوبة.