الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإخوان .. واغتيال حق الشعب


بعد أن نجحت جماعة الاخوان المسلحين ، المسلمين سابقا ، فى القفز على السلطة ونظام الحكم فى بلادى مصر، وبمساعدة الغير ، سواء عن قصد أو عن غير قصد ، سعت الجماعة بكل ما أوتيت من قوة ، وقوة الى جانب قوتها، الى محو آثار أنظمة الحكم السابقة ، ليس رغبة فى نظام سياسى جديد للبلاد ولكن انتقاما من أنظمة ترى الجماعة أنها كانت ضحيتها، فى حين أنها كانت ضحية فكرها العقيم وأهدافها الخارجة عن السياق الوطنى، فهرولت الجماعة الى ما يسمى بكتابة دستور جديد للبلاد، فقادت عملية هدم دستور الدولة، من اجل دستور اخوانى ادعى الذين عبثوا به أنه من أعظم دساتير العالم وذلك قبل الشروع فى صياغة دستور 2012.

غير أن اشياء فى عملية بناء ما اسمته الجماعة المسلحة بأعظم دساتير العالم كانت تبدو من خلالها الأمور أن الجماعة مشغولة بالانتقام من نظام الرئيس السابق مبارك الذى اسقطته انتفاضة الشباب حتى سقط أمام إرادته واستسلم لها لتقفز الجماعة على أكتاف الشباب وتنسب الفضل لنفسها ، حتى كاد المخلوع مرسى، أن يتغنى بها فى كل خطاباته الى عشيرته ، ومن تلك الاشياء اغتيال حق الشعب فى داره والبيت الذى يضم ممثليه وهو مجلس الشعب الذى قامت الجماعة بتغيير اسمه من "مجلس الشعب" الى "مجلس النواب" فى اعتقاد من جانبهم انهم يسيرون على نهج الدول الديمقراطية ، فى حين ان سعيهم كان لالغاء كل مايحمل اسم النظام السابق او السابقة عليه ، كما تم الغاء مشروع مكتبة الاسرة وغيرها من الامور، ومحاولة الغاء تاريخ 6 اكتوبر من ذاكرة المصريين، باستبدال الاحتفال بأبطال حرب اكتوبر بالمجرمين والقتلة والارهابيين.

والحقيقة أن الجماعة فى كل مبرراتها تدعى الاصلاح وهى تفسد دائما، ليس فقط فى الجوهر وانما حتى فى المسميات ، فمعنى مجلس النواب أنه يختص بهم وأنه معبر عنهم، فى حين أن مجلس الشعب له دلالته السياسية القوية التى تؤكد أن من بداخله هم الشعب عبر ممثليه الذين ينتخبهم الشعب كى يكونوا وكلاء عن المواطنين كل فى دائرته.

فالأصل ان يكون المسمى الحقيقى والعملى والمعبر هو مجلس الشعب، لان الشعب هو الذى يجلس على مقاعده عبر ممثليه، ويناقش التشريعات الخاصة بحياته اليومية فى كل المجالات سواء كانت السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية ، او تلك المتعلقة بعلاقاته الخارجية.

ومن أسف ان الذين شاركوا فى تعديل دستور الإخوان ، ساروا على نفس الدرب ولم يفكر أى منهم فى معنى الكلمة او حتى الابقاء عليها ، فالاصل ان يقول المواطن مجلس الشعب وليس مجلس النواب، وأن تغيير المسمى هو انتقاص من حق الشعب على الاقل من الناحية الأدبية ، بعيدا عن القرارات او الفعاليات بداخله.

المسميات قد تبدو غير ذات قيمة ، الا ان دلالاتها قوية ، وواجب التنبه لها امر مهم – على الاقل عندى - خاصة بعد أن تشكل الشعب فى صور جديدة ، ارست مفاهيم سياسية هامة لدى السلطة الحاكمة ، ايا كانت ، بأن الشعب هو مصدر السلطات ، وأنه هو الذى يحدد مصير بلاده بارادته المنفردة دون أى املاء ، سواء كان داخليا أو خارجيا ، وهى مفاهيم أرستها انتفاضة الشعب وثورته ضد نظامين كلاهما فاسد ، حيث هبط الأول بقيمة الشعب وعاش فى برج عاجى بعيدا عن مشاكله ، بينما ارتفع الآخر بأهداف الجماعة والتنظيم الدولى على حساب الوطن، فكان كلا النظامين يستوجب المحاسبة ، وان كانت اخطاء الثانى أقوى وأشد.

الشعب اذن يجب ان يكون فى مقدمة أولويات السلطة ، حتى فى المسميات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط