الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حرية الكنائس والمساجد


من حق كل إنسان مسلم أن يجد المسجد الذي يصلى فيه بحرية تامة، ومن حق كل إنسان مسيحي أن يجد الكنيسة التي يصلى فيها بحرية تامة أيضًا، هذه ثوابت لا خلاف عليها وليست محل نقاش على أرض مصر، فماذا يحدث، وما هو سر الأزمات المتلاحقة بخصوص إقامة الكنائس الجديدة في بعض قرى الصعيد؟ وهل عامة المسلمين طرف في هذه الأزمات، أم أن الامر قاصر على عدد قليل من المسلمين في هذه القرى فقط لا غير ؟

وقبل  الإجابة على هذا السؤال علينا تذكر العديد من الحقائق المجردة، واول هذه الحقائق هي ان المسيحيين في مصر لم يستطيعوا بناء كنائسهم والتعبد فيها بحرية ودون خوف الا بعد ان دخل المسلمون مصر وطردوا منها الرومان اللذين كانوا يضهدونهم، ففي عصر الشهداء سقط من أقباط مصر العديد من الشهداء الابرياء على يد الرومان، ولذا فأن معظم الكنائس المصرية لم يتم بناؤها الا في رحاب الاسلام، وهذه حقيقية تاريخية ثابته .

والحقيقة الاهم لأنها حاضرة ودائمة، هي انه لا توجد أية واحدة في القرآن الكريم ولا حديث واحد صحيح عن النبي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) فيهما منع أو حتى تضييق على غير المسلمين في بناء دور العبادة أو التعبد الى الله فيها، بل على العكس فعندما زار وفد من نصارى نجران النبي (صلى الله عليه وسلم ) في المدينة، أقاموا في المسجد النبوي الشريف ثلاثة أيام، وكانوا يصلون صلواتهم في المسجد النبوي، وفى عصر الفتوحات كانت الجيوش الاسلامية محرم عليها التعرض لأى راهب في صومعته بغض النظر عن ديانته أو البلد الذى ينتمى اليه .

أما في أيامنا هذه فلم نسمع يومًا عن أي تدخل في حرية ممارسة العبادة داخل الكنائس، بل نجد هذا التدخل يحدث في المساجد، فالخطبة الوحيدة في الاسبوع وهى خطبة الجمعة يتم ارسالها من الوزارة مكتوبة ليقرأها الشيخ على المصلين، وممنوع على المساجد ان تفتح أبوابها الا في أوقات الصلاة فقط، ولا يستطيع أي شيخ أن يلقى درس او عظة في أي جمع من المصلين الا بتصريح مسبق، ولا يجرؤ أمام مسجد على القيام بأي عمل خيرى أو اجتماعي أو تطوعي في المسجد تحت أي مسمى والا فقد وظيفته أو حريته أوكلاهما معًا .

وهذا ليس موجودًا عند المصريين المسيحيين، فالكنائس تقوم بدور إيجابي وعظيم في رعاية الطلاب والمرضى والشباب وغيرهم، والحق يقال ان مستشفياتهم ليست قاصرة على المسيحيين فقط، بل مفتوحة أمام الجميع، والكنائس والاديرة أبوابها مفتوحة في أي وقت، وأحوال حرية العبادة داخل كل الكنائس والاديرة المصرية أفضل من احوال حرية العبادة داخل معظم المساجد المصرية .

وهذا لا ينفى ان المصريين المسلمين يتمتعون بحرية بناء دور العبادة أكثر من المصريين المسيحيين، وهذه حقيقة، ولكنها حرية قاصرة على بناء المسجد فقط لا غير، وهذا شيء يفتقده المصريين المسيحيين وبخاصة في بعض قرى الصعيد، أما بسبب قلة الوعى بين الناس أو بسبب الجهل بتعاليم الاسلام السمحة، بدليل أنه في الوقت الذى يحدث فيه خلاف حول بناء كنيسة في قرية ما تكون هناك كنائس أخرى في مكان آخر يتم بناؤها دون أي عقبات أو اعتراض من أحد .

ومن هنا وجب على الدولة أن تؤمن فورًا ودون مواءمات سياسية، بناء كنائس في كل القرى التي يقطنها مسيحيين ولا يوجد بها كنائس، ونغلق هذا الباب الذى ما كان له ان يظل مفتوحًا طوال هذا الوقت، فهذا حق لا يجب ان يكون محل توافقات أو جلسات عرفية أو غير عرفية .

وبناء كنيسة في قرية ما لن يضر المسلمين فيها في شيء، ولا منع بناؤها سيفيدهم في شيء، بل على العكس، يشوه صورة المسلمين عامة، وينسى الناس أن كل الكنائس المصرية أو معظمها تم بناؤها في رحاب الاسلام، وان الايمان بكل الكتب السماوية السابقة واجب على المؤمنين من المسلمين " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يذكر الانبياء السابقين كان يقول أخي عيسى، أخي موسى، فكلمة أخي كانت تسبق أسم أي نبي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

كلنا جميعًا خلقنا اله واحد، وكلنا جميعًا نعبد الله الذى خلقنا جميعًا، وكلنا جميعًا سيحاسبنا الله الواحد وحده فقط، وكلنا جميعًا راحلون عن هذه الدنيا سواء طال بنا الأجل أو قصر، و في الأخرة جنة الله واسعة، تتسع لكل خلق الله، فلا يعتقد أحد من خلق الله ان الله قد خلق الجنة له وحده أو للمؤمنين بدينه وحده، فجنة الله واسعة وتسع كل البشر برحمة الله وبكرمه .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط