سوريا هل سترى السلام يومًا ؟

يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا والذي توصل إليه وزيرا خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لم يصمد والإغاثة أصبحت من أكثر الصعوبات ان تصل إلى السكان الذين عاشوا أشهر تحت نير القصف والقتل والإرهاب والأمم المتحدة نفسها تستغيث لتفاقم الأزمة الإنسانية . فقد عادت المعارك في حلب بضراوة حتى أنها أصبحت حربا عشوائية والنيران الصديقة أصبحت هي التي تخرب وتدمر حلفاءها .
وتركيا تحت غطاء التحالف الدولي لمحاربة داعش هاجمت ودمرت أعداءها الأكراد فلم يكن خفيًا أن مكاسب داعش وتقدمها على الأراضي كانت تعنى خسارة وهزائم للأكراد كما أن الولايات المتحدة والدول الغربية غضت البصر عن التجارة بين داعش وتركيا خاصة البترول ولكن التدخل الروسي تعضيضًا لحكومة دمشق الشرعية كسر حاجز الصمت عسكريًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا وكشف للعالم تواطؤ الكبار ، وسرعان ما استرجع الجيش السوري أراضي وقعت في يد الإرهابيون فتحررت مدينة بالميرا وكذلك أثارها المعروفة دوليًا وفُتح الطريق لمدينة دير الزور والمناطق الشاسعة المجاورة للقاعدة العسكرية الروسية في اللاذقية ثم تم تحرير مدينتي داريا وحلب .
الهجمات الإرهابية التي تمت في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا لفتت نظر الرأي العام عن ما يجري على أرض الواقع في سوريا والعراق فما كان من الولايات المتحدة الأمريكية الغارقة في زمن الانتخابات الرئاسية وعدم قدرتها على إرسال قوات على الأرض أجبرتها على تكثيف الهجمات الجوية وتعضيد مواقف الأكراد التي تحارب داعش رغم الإعتراضات التركية التي رأت ان الولايات المتحدة تخونها فتوتر الجو الدبلوماسي بين الدولتين ولو مؤقتًا ، فالأكراد يحلمون بتوحيد الأراضي الكردية في سوريا والعراق وتقدمهم العسكري ضد داعش أعاق تقدم الجيش السوري لمحاربة داعش ، لذا دخلت تركيا الأراضي السورية واحتلالها لمدينة جارابلس الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات والتي تسكنها جماعات اثنية من العرب والتركمان منع توحيد الأراضي الكردية ، كما يبدو مريبا تخلي داعش عن الأراضي التي احتلتها في السابق على الحدود التركية طواعية وبدون قتال فهل داعش تتحرك وفق إرادة الغرب وتُستخدم لإسقاط النظام السوري الشرعي؟ هذه الأوضاع والخيوط العنكبوتية إلى الآن تعطى للجيش السوري فسحة من الوقت لالتقاط الانفاس وتنظيم الصفوف من الناحية العسكرية وذلك بفضل الضربات الجوية الروسية.
المعركة القادمة هي تحرير مدينة الرقة عاصمة العباسيين والخليفة هارون الرشيد ذات الأهمية الإستراتيجية لداعش 160 كم من حلب و40 كم من سد الفرات الذي يعتبر أكبر سدود سوريا والتي استولى عليها في يناير 2014 وجعلوها المركز الرئيسي لهم في سوريا والتي فيها قتلوا وخطفوا سكانها وصحفيون أجانب وهي مدينة الوسط بين كل الطرق المؤدية إلى العمق العراقي شرقًا والعميق السوري غربًا وهذه المعركة ستوضح أكثر وأكثر النيات الغربية تجاه سوريا ، فالساعة تدق عقاربها وطهران ودمشق يراقبان الموقف بكثير من الهدوء والكل يصب لصالح السياسة الروسية ، بينما الولايات المتحدة وحلفائها ليس عندهم خيار إلا ردود فعل عن ما سيحدث على الأرض.
وأي حركة غير محسوبة سيكون لها توابع سلبية . فالرقة مدينة سورية وسكانها سوريون ( قبل الحرب 220 ألف نسمة ) ، ولن تكون يومًا ضمن الآراضي التركية فاستراتيجيتهم أثبتت فشلها كذلك التناقضات الأخلاقية بين ما هو ظاهر وما هو باطن والتعتيم الاعلامي الذي فرضوه ظهر وانجلى أمام شعوبهم وشعوبنا . أما نحن فنتمنى السلام وأسترجاع العافية للشعب السوري.