الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما بعد التعويم


فى مستشفى اللامعقول، خرج الطبيب من حجرة الولادة ليخبر أهل المريضة بأنه ضحى بألام والجنين من أجل نجاح العملية، تذكرت هذه النكته المصرية الخالصة عند متابعتى لبعض التصريحات المؤيدة للقرارات الاقتصادية الأخيرة،  التى ترتبت عليها أثار سلبية خطيرة على الحياة المعيشية لملايين المصريين من الفقراء ومحدودى الدخل  نتيجة لارتفاع الأسعار المصاحب لهذه القرارات، سواء كان قرار تعويم الجنيه أو قرار تخفيض دعم الوقود.

لأ أدعى اننى أكثر علمًا وخبرة ممن اتخذوا القرارات الاقتصادية الأخيرة،  ولا أشكك فى وطنية أحد منهم، ولا فى رغبته فى أن يرى مصر أفضل مما هى عليه الآن،  ولا أستطيع أن أقول أن أحدًا تعمد أن يُلحق الضرر بعدة ملايين من المصريين بهذه القرارات، فليس من مصلحة أحد فى موقع المسئولية ان يفعل ذلك،  ولن يضر الرئيس ولا الحكومة فى شئ ان يعيش الناس فى مصر عيشة مريحة، بل العكس هو الصحيح، فما يضرهم هو سُخط الناس وعدم رضاهم .

ولكن ما أعرضه وما يعرضه غيرى من وجهات نظر مغايرة لوجهات نظر الحكومة , هو نوع من التنافس على تقديم الافضل للناس , كلًا من وجهة نظره،  وهو واجب على كل صاحب رأى وفكر أقتصادى فى هذا البلد فى ظل هذه الظروف الصعبة , وموقفى واضح من قبل أن تصدر القرارات الأخيرة.

 فقد أعلنت مرارًا وتكرارًا أن توقيتها ليس مناسبًا على الإطلاق من الناحية الاقتصادية، فلا تحرير سعر صرف الدولار سيؤدى الى زيادة الحصيلة الدولارية، ولا سيوقف مضاربات السوق السوداء، بل العكس سيحدث، سعر صرف الدولار سيزيد يومًا بعد يوم فى البنوك وفى السوق السوداء بالتوالى، وسيأخذ معه أسعار السلع الاساسية المستوردة من أدوية وأغذية الى عنان السماء.

ولأنه لن يجدى البكاء على اللبن المسكوب، ولن يجدى التراجع عن قرارات تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود، أو غيرها من القرارات التى لا أعلم من أشار عليهم بها فى هذا التوقيت، فإننى أعتقد أنه قد بات واجبًا على السيد الرئيس أصدار تعليماته للحكومة بتوفير العلاج لكل المواطنين فى المستشفيات العامة والجامعية، كبديل حقيقى لمواجهة الزيادة المتوقعة لأسعار الادوية والخدمات الطبية، أو زيادة عدد أتوبيسات النقل العام وتعميمها فى جميع المحافظات لمواجهة زيادة تعريفة النقل والمواصلات نتيجة لزيادة أسعارالوقود.

 وكذلك عدم زيادة اسعار تذاكر المترو، وزيادة عدد قطارات السكك الحديدية وعدد عربات كل قطار، وخاصة فى محافظات الصعيد، حيث نسب الفقر أعلى بكثير من باقى محافظات مصر، وزيادة دعم السلع الغذائية الأساسية، أو ما يراه ممكنًا من إجراءات أخرى بحكم إطلاعه على كل الامكانيات المتاحة لتخفيف وطأة هذه القرارات على الناس
.
فالناس اليوم لم ولن يستمعوا إلى أى أحاديث أو تصريحات حكومية عن نسب النمو الاقتصادى، أو عن فوائد تعويم الجنيه أو أى أحلام أو طموحات مستقبلية غير مرئية لهم، الناس اليوم بحاجة الى رؤية واقع أفضل للحياة التى يحاولون جاهدين ان يعيشونها.

 واقع يتمثل فى توفير السلع الاساسية والخدمات الضرورية بصورة تتناسب مع ما يملكونه من أموال , وهو شئ ما زالت الحكومة قادرة على توفيره حتى كتابة هذه الكلمات.

وفى النهاية أقول إنه مازال بالإمكان تحسين أحوال الناس الاقتصادية، ومازال بالإمكان تخفيف آثار القرارات الأخيرة على أحوالهم المعيشية، بشرط ان نستمع لمن يعيش حقًا وسط الناس ويريد الخير لكل الناس.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط