الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رئيس الجمهورية في ضيافة سيدة العربة... !!


بعيدا عن التزلف الرخيص ... وبعيدا أيضا عن المكر بالقيم الثمينة دعونا نقترب من المشهد الجديد الذى يصنعه اليوم نظام الحكم في قصر الاتحادية بعد ثورة الثلاثين من يونيو رغم كل الملاحظات التي أبديناها في مقالات سابقة ....
سيدة مصرية ... تجر عربة للبضائع في شوارعنا الموجوعة بآلامها ... هذه المهنة الشاقة هي أصلا نصيبا محتكر للرجال كونها في حاجة إلى عافية الأبدان وتشكيلة من العضلات التي لا تتوفر لسيدة كل ما لديها كساء من الجلد فوق هيكل عظمي لا يرضى من اللحم إلا بعظم الرقبة ...
المشهد مثير للشفقة .. ويحمل دلالات كافية على كمية الوجع والحاجة التي دفعت هذه السيدة لأن تمتهن بكل شرف هذه المهنة كي لا تمد يدها ... ولا تتسول بكرامتها وشرفها ... ولتكون نموذجا بناء في جدار الوطن يرسل برسالته للمتسكعين على المقاهي وللشاكين خلف الشاشات وأمام المشافي ...
تقول بما يكفي إن الاندفاع في سوق العمل مهما كان شاقا هو جزء أصيل من تدوير عجلة الإنتاج ... وخير من سؤال الناس في الطرقات ..

وأن خشونة يدها أقرب إلى الحق من كل هذا الغثاء المكدس من حملة الشهادات ينتظر مكتبا وجهاز تكييف ومكانه يفرد من فوقها سلطان مزيف ليمارس عملا مدلسا ...!
راقبتها الكاميرات .. وهي تغسل بمواجعها شوارع الإسكندرية ... وأصبح الحديث عنها ذا بعد جماهيري يلخص الحالة المصرية المكافحة .. وكنموذج يرسل برسائله الخاصة للجميع ... لكل الدولة المصرية شعبا وقياده..
وليلتقط الرسالة الجميع ويفسرها حسب مكانه ودوره ومسئوليته ورؤيته ..
نعم الشعب يعاني ... ولكن المعاناة في شوارعه خير من المعاناة في المنافي ...
وأن العمل الشاق خير من التسكع المسلي والشكاوي المتذمرة من سوء ما وصلت إليه البلاد من إهمال وفساد تكدس خلال عصور عصت القانون ونامت تحت أقدام الشلليات والمحسوبيات وبحضن الرشاوي ..
وأنه آن العمل للتخلص من التركة الظالمة التي جعلت هذه السيدة تشد العربة بحملها الثقيل في شوارعنا المتعبة ....
تلقفت الرسالة مؤسسة الرئاسة ..
لم تغض طرفها أو تصرف نظرها ..
وعلى عجل جهزت لقاء مع رئيس الجمهورية في قصر الاتحادية ..
ليكون رسالة لكل مسئول في مكانه تجاه هذه الشعب ..
نموذجا بالعطف على الفقير والقيام بحاجه المسكين وليضع المجتمع المدني برجال أعماله أمام مسئولياته ..
هنا تتشبث الكاميرات وعلى لقطاتها ألا تحاصرنا بالزوايا ..
لنقف فقط أمام واحده منها لخصت المشهد برمته ...
قصور الحكم هي ملك لهذا الشعب ... وسكانها خدامه ..
وأن هذه السجاجيد المبسوطة ليست حكرا على الطبقة الحاكمة وضيوفها من الطبقات الراقية ..
بل تدوسها أيضا عامله بسيطة تعيش مهمشه في حورينا ..
واليوم يجلس الرئيس أمامها على الكنبة الثلاثية التي يجلس عليها دائما ضيوفه ..
لتجلس سيدة العربة على كرسي الرئيس نفسه وهو يقود معها حواره ..
المشهد برمته لا يعني أننا أنقذنا سيده وهناك الآلاف غيرها في حاجه لما اخذته ومكانه لما نالتها ولقاء لما ظفرت به ..
إنها رساله من قصر الاتحادية إلى كل مكاتب المسئولين ومواقعهم إلى كل المجتمع ..
هذا هو سلوك الرئيس مع أمته فكيف سيكون سلوككم وتصرفاتكم وقيامكم بواجبات مسئولياتكم .. ؟
الرئيس يضرب للجميع المثل ويقف في قصر الحكم باستضافة سيده العربة التي بدا الفقر على وجهها وقد أخذ راحته وهو ينسج خريطة الحرمان وضغوطه ..!
لم يقف هنا الرئيس ويكمل بعدها حراسه
بل اسطحبها إلى السيارة التي تقلها ومد يده إلى بابها وفتحه لها كي تذهب بعدما ظفرت بعطاياه ولقاءه ..
يقينا مصر تتغير ... ويقينا سنحصل على نتائج هذا المشهد في حياة كل الناس ولو بعد حين ..
ويقينا المشهد يقول بما يكفي ويرسل رسائله للجميع قبل أن يتحرك البلدوزر لسحق الفساد لعله ورعاته ينزون ويقرأون ويدركون أن مصر بعد ثلاثين من يونيو قد تغيرت بعدما طال صبرها وحاصرها الألم ..!
فهل وصلت الرسالة ... ؟
وهل نبدأ فعلا عملا يليق بوطن تستضيف سيده العربة رئيسه في قصر الحكم ...؟
الجواب لكم ...
ولكل مسئول في مكانه ...
ولكل فاسد لا زال يراهن على دولة مترهلة يمارس فيها هوانه بحس الماضي الذى ورثنا من دولة مبارك أثقاله ...!
فالرسالة تحمل من التبشير بقدر ما تحمل من النذير ... فأهلا بهذا الوطن الجديد الذى يجد من يحنوا على ضعفائه .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط