الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هويدي في قطر.. والطريق إلى المصالحة !


تحدثنا منذ فترة ليست ببعيدة عن زيارة الكاتب فهمي هويدي إلى تركيا .. وعن لقائه بعدد من القيادات التركية والشخصيات العامة وعلى رأسهم الرئيس التركي أردوغان .. وقلنا إن الهدف من اللقاء كان محاولة التوصل لصيغة مصالحة مع مصر خاصة أن الوضع بين مصر وتركيا أصبح في أسوأ حالاته الآن .. وأكدنا أن ما يبدو في الظاهر شيء وما خفي شيء آخر أعظم .. ففي الظاهر نجد الحديث عن صيغة توافقية للمصالحة مع مصر .. ولكن الحقيقة هي أن المصالحة مع تركيا هي مقدمة لفرض التصالح مع الجماعة .. مع الإخوان ... في محاولة جديدة لإعادة الجماعة إلى المشهد من جديد!

وبالفعل بعد عودة الكاتب الكبير من تركيا بدأ في كتابة مقالاته في جريدة الشروق عن ضرورة إعادة النظر في العلاقات مع تركيا لأنها دولة كبرى وقوة اقتصادية وعسكرية ..... إلى آخر ما نسمعه من مريدي الجماعة ومؤيديها عن التطور غير الطبيعي الحادث في تركيا تلك الدولة المتقدمة التي حققت نجاحات سياسية واقتصادية وعسكرية ومقارنتها بمصر في وضعها الحالي وهي في حالة حرب حقيقية على الإرهاب وعلى المتآمرين في الخارج والداخل .. وأنه لا يجوز أن تكون العلاقة متوترة أو ليست على ما يرام بين بلدين من أقطاب المنطقة خاصة أن مصر هي التي تحتاج لتركيا وليس العكس كما يروجون .. وهذا كلام هويدي نفسه وليس أحد آخر ..

وكان ردنا على الكاتب الكبير عن محاولات فرض الصلح أو المصالحة مع الجماعة لأن هذا هو الهدف النهائي من حديثه عن المصالحة مع تركيا أولا .. فأكدنا أن التمهيد للمصالحة مع الإخوان هو أمر يمكن أن يسأل كاتبنا الكبير عنه الشعب المصري الذي اكتوى بالنار وعانى من التفجيرات والدم والقتل والحرق على مدار سنوات مضت وأن يسأل الشعب المصري عن الحرائق التي مازالت مستمرة حتى الآن، وأكدنا أنه ساعتها فقط سيعرف الحقيقة من الشعب نفسه !!

والآن وبعد فترة ليست بالطويلة يسافر كاتبنا الكبير إلى قطر للقاء قيادات التنظيم الدولي للإخوان هناك، لقاءات مع تميم ومع القرضاوي ومع أعضاء التنظيم الدولي.

والآن ... ماذا ستكون الخطوة التالية بعد العودة من قطر ولقاء قيادات التنظيم الدولي ولقاء تميم نفسه .. هل سيتم فتح الحديث عن المصالحة من جديد .. وهل ستحمل مقالات كاتبنا الكبير دعوة جديدة ومجددة لضرورة تصالح الدولة مع الجماعة وفتح صفحة جديدة معها على اعتبار أنه فصيل وطني لايمكن التغاضي عن وجوده ولا إنكار قوته ؟؟ أم ستكون هناك مفاجأت اخرى بعد تلك الزيارة الغامضة واللقاءات غير الواضحة السبب ولا الهدف !

ولو كان الأمر أيضا يرتبط بإعادة الجماعة للحياة السياسية وانخراطها فيه من جديد في إطار مصالحة شاملة وتصالح كامل وتغاضي عن الدماء التي سالت والتفجيرات التي وقعت ومازالت تحدث على أرض مصر بدعم ومباركة الجماعة ومن والاها فإن الأمر هنا يجب أن تكون معه وقفة حازمة وجادة .. فليس من الطبيعي ولا من المقبول أن يكون هناك أشخاص مباح لهم السفر لدول معادية لمصر وبكل صراحة تدعم وتمول العمليات الإرهابية وتطالب بسقوط نظام الحكم في مصر وتسعى لإسقاط وهزيمة الجيش والشرطة وتسخر كل مقوماتها وإمكاناتها المادية والإعلامية لإسقاط مصر بل تخصص قناتها المشبوهة للهجوم على مصر بشكل فج وغير مسبوق .. هل من المقبول أن يكون السفر لقطر وتركيا مباحا لكل من أراد أن يذهب ويلتقي بقيادات الإرهاب والتشاور معهم ثم العودة بكل حرية للمطالبة بفرض المصالحة على مصر ..

المصالحة ياسادة جريمة في حق مصر وحق كل مصري وكل شهيد وكل مصاب من جيش و شرطة مصر بل ومن المدنيين الأبرياء الذين استشهدوا أو أصيبوا في تفجيرات عمياء غاشمة لاتفرق بين طفل وشاب أو بين رجل وامرأة أو بين مسلم ومسيحي .. 

المصالحة ياسادة فاشلة ومحكوم عليها بالفشل لأنها وسيلة مكشوفة لعودة الجماعة للحياة السياسية بغطاء شفاف يفضح أكثر مما يستر .. لأن الواقع يؤكد أن التنظيم يتعامل مع تجربة محمد مرسي وعزله على أنها تجربة ليست بالفاشلة .. ولكن هي تجربة كما يرونها تم إفشالها عن طريق الدولة العميقة .. فالتنظيم على قناعة كاملة بأن الدولة العميقة هي التي أفشلت تجربة مرسي التي لم تكن من وجهة نظرهم تجربة فاشلة !

ويترتب على ذلك أن التنظيم يروج لعملية المصالحة على أنها الوسيلة الأكثر ضمانا والخطة التكتيكية لعودة الجماعة للمشهد السياسي من جديد .. وأعد التنظيم لذلك خطة متكاملة لإعادة اختراق أجهزة ومؤسسات الدولة خاصة أجهزتها السيادية أو ما يطلقون عليه هم أنفسهم اسم الدولة العميقة ليتم إعادة وإحياء مشروع الأخونة داخلها حتى لاتكون عائقا أمام المشروع الإخواني مرة أخرى وبعد أن كانت سببا مباشرا في فشله من قبل .

الخطة تعتمد على الترويج للمصالحة والبناء على المظلومية والدم والرهان على أن المصريين شعب ينسى ويتسامح .. إلى جانب اللعب على وتر أن الجماعة يمكن أن تغير استراتيجيتها تبعا لأي تغيرات جديدة .

والخلاصة أن عودة الجماعة للحياة السياسية تحت شعار المصالحة لن تكون مقبولة أبدا بأي شكل من الأشكال لأن العودة هذه المرة ستكون محفوفة بالمخاطر بل ستكون في منتهى الخطورة لأنهم لو عادوا سيكون استهداف الجيش والشرطة والمؤسسات الصحفية والإعلامية وباقي مؤسسات الدولة هو هدفهم الأول .. وسيكون التخلص من هذه المؤسسات حتميا كما فعل أردوغان نفسه في الجيش التركي والشرطة التركية وكما فعل مع القضاة والصحفيين والإعلاميين وكل المعارضين لنظامه الحاكم..

هذه هي المصالحة التي يسعون إليها .. فهل تكون المصالحة هي محور مقالات فهمي هويدي القادمة أم أن هناك تكليفات أخرى .. هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة .. وغدا لناظره قريب .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط