الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلام علب الكبريت


يروى عن الرئيس الأسبق مبارك أنه وصف ذات مرة فضائية "الجزيرة" أنها مثل علبة الكبريت في المنطقة وهي بالطبع كذلك منذ تم تأسيسها عام 1996 كان التحريض حاضرا بقوة بين العناوين الرئيسية في نشراتها الإخبارية، وخلال تلك السنوات كان التوتر حاضرا بين الجزيرة وأكثر من عاصمة عربية بسبب تدخلها في الشأن الداخلي وتقليب الرأي العام في أكثر من دولة عربية حتى وصل الأمر أنها أصبحت أحد أركان الخلاف الرئيسية في النزاع العربي القائم حاليا وهو الأكبر بين دول عربية منذ غزو العراق للكويت وحسب وسائل الإعلام أن غلق الجزيرة على رأس مطالب الدول العربية المتنازعة مع قطر.

فالجزيرة بنجاحها وسيطرتها الإعلامية الكبيرة أغرت "الدوحة" أنها أصبحت دولة عظمى قادرة أن تلعب دورا كبيرا في المنطقة في الصفوف الأولى وليس كدولة تابعة لكبار المنطقة فكانت بمثابة ناطق إعلامي رسمي ولسان حال للنظام هناك يعبر عن وجهة النظر الرسمية في مختلف قضايا المنطقة وبدأت الدوحة التدخل في ملفات سياسية كثيرة هي في الأساس ليست طرفا فيها وتبدأ فرض وجهات نظر معينة على تلك الملفات الإقليمية خاصة التي تتولاها مصر فكان الصدام مع القاهرة في نهاية فترة حكم مبارك والذي أكتفى بالصمت ومقاطعة الدوحة ورفضه حضور القمة العربية هناك في 2009 وظلت طوال تلك الفترة لاتؤول الجزيرة واخواتها جهدا للنيل من القاهرة وبث مواد إعلامية سلبية ضدها، وكما كشفت وثائق ويكيلكس أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف، وأن "قناة الجزيرة" ستلعب الدور المحورى لتنفيذ هذه الخطة، عن طريق اللعب بمشاعر المصريين لإحداث هذه الفوضى وهو ما حدث بالفعل.

مجددا يعود الإعلام بمختلف وسائله ليلعب دورا رئيسيا في الأزمة الحالية بين مصر والسعودية والامارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى وبالطبع كانت الجزيرة رائدة في إشعال التوتر بين الدول العربية فبخلاف التحريض المستمر ضد مصر في السنوات الأخيرة امتد الأمر للسعودية وأخيرا الإمارات وبالتالي كان يجب الرد من وسائل إعلام موالية لهذه الدول مثل العربية وسكاي نيوز لنشاهد الأن حربا إعلامية شرسة دائرة بين وسائل الإعلام العربية بأستخدام كافة الوسائل من بث تقارير إخبارية سلبية لبث أفلاما وثائقية لضرب مشاريع كبرى مثل كأس العالم المنتظر اقامته في قطر وبات مصيره مهددا.

فالحرب الإعلامية أصبحت في السنوات الست الأخيرة عنوانا للصراع بين دول المنطقة كانت فضائية "الجزيرة" رائدة فيه وأذكر أن الإخوان كان يتباهون بتأثيرهم داخل هذه المحطة ومعها عدد من الصحف العالمية أثناء عام حكم "محمد مرسي" ولذلك كانت أكبر داعم إعلامي لهم خلال السنوات الماضية بشكل مباشر ضد القاهرة مما زاد السخط الشعبي ضدها وفقدت مصداقيتها بعد كشف كم التلفيقات للمواد التي تبثها!

وبين أنفسهم كان الإخوان يعترفون بعدم قدرتهم على امتلاك آلة إعلامية مؤثرة في الشارع المصري تكون خاصة بهم بدلا من الاعتماد على الجزيرة واخواتها حتى التليفزيون الرسمي لم يستطيعوا السيطرة عليه بشكل كامل وكان كل همهم خلال أشهر حكم "مرسي " الأخيرة صناعة برنامج "توك شو" خاص بهم يتم بثه عبر التليفزيون الرسمي ليرد على برامج التوك شو التي كانت معظمها ضدهم وقتها وظل جهازه الإعلامي يعقد جلسات عمل وتحضيرات لإطلاق هذا البرنامج حتى وجدوا "مرسي" يرحل فجأة عن الحكم !

لذلك تسبب إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، في صدمة كبيرة لدى الإخوان خاصة أن وسائل إعلامهم محدودة الإمكانيات وكذلك محدودة التأثير وجمهورها ليس كجمهور "الجزيرة" مما لن يجعل لها أي تأثير على الرأي العام، فكان البديل عدد من المحطات اعتمدت عليها الجماعة مثل الشرق ومكملين وغيرها من القنوات التى تتواجد جميعها فى تركيا ولكن تأثير هذه الفضائيات لايزال محدودا مما جعلهم يعولون أكثر على الجزيرة والتي يعمل بها كوادر تابعة لهم ولا يتأخرون في التفكير ليلا ونهارا في بث مواد إعلامية سلبية أبرزها كان الفيلم "المشبوه" العساكر والذي لاقى عقب عرضه استياء داخليا من بعض المصريين العاملين داخل الجزيرة لضعفه الفني واستخدامه مادة فيلمية ملفقة.

وتظل الجزيرة تتربص لأي تحرك عربي حتى ولو شعبي لتضربه بشكل "سلبي" واذكر انني في نهاية عام 2015 ذهبت وعدد قليل من الإعلاميين لزيارة سوريا وتجولنا في عدد من المحافظات السورية والتقينا كبار المسؤولين السوريين فطلع موقع الجزيرة نت ليقول "وفد إعلامي مصري للتطبيع مع نظام الأسد"، هكذا "تطبيع" وكأننا زرنا إسرائيل ! التي تستضيف فضائية الجزيرة رموزها!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط