الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضد الحكومة.. والجزرة!


لا يكاد يمر عام إلا وتتكرر نفس المأساة بجميع تفاصيلها وصورها وكأنها سيناريو متكرر يحفظه المتسبب عن ظهر قلب، نفاجأ بحادث قطار شمالا أو جنوبا، يروح ضحيته عشرات الأبرياء ومئات المصابين ومع الحادث يتذكر رواد السوشيال ميديا المرافعة البليغة للفنان أحمد زكي بفيلم "ضد الحكومة" عام 1992 للمخرج عاطف الطيب عن قصة الأستاذ وجيه ابوذكري وسيناريو وحوار بشير الديك والتي أثَّرَت في الجميع بشكل لافت وقال فيها:

أنا مثال للمحامى الفاسد .. بل أكثر فسادا مما يتصوره أستاذى..
انا ابن لهذه المرحلة والمراحل التى سبقتها، تفتح وعيي مع التجربة الناصرية آمنت بها ودافعت عنها فرحت بانتصاراتها وتجرعت مرارة هزائمها وانكساراتها.

هنت عندما هان كل شيء وسقطت كما سقط الجميع فى بئر سحيق من اللامبالاة والإحساس بالعجز وقلة الحيلة.

أدركت قانون السبعينات ولعبت عليه وتفوقت، تاجرت فى كل شيء فى القانون والأخلاق والشرف، انا لا انكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية.

بل أكثر من ذلك أعترف أمامكم اننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ تعويض ضخم لكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية ، جعلتنى أراجع نفسي أراجع موقفى كله أراجع حياتى وحياتنا اصطدمت بالمستقبل.

نعم صبي من الذين حكم عليهم ان يكونوا ضمن ركاب اتوبيس الموت، رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقي.. رأيتنا نسحقه دون ان يهتز لنا جفن نقتله ونحن متصورون ان هذه هى طبائع الامور.

كان لابد لى ان أقف.. ان هذه جريمة كبرى لابد ان يحاسب من تسبب فيها.

إنى لا اطلب سوى محاسبة المسؤولين الحقيقيين، عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى انهم ابناؤنا أبناء العجز والإهمال والتردى كلنا فاسدون .. كلنا فاسدون .. لا أستثنى احدا .. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة.

سيدى الرئيس..
كل ما أطالب به ان نصلى جميعا صلاة واحدة لله الواحد اله العدل الواحد الاحد القهار، لست صاحب مصلحة خاصة وليس لى سابق معرفة بالشخوص الذين اطلب مساءلتهم.. ولكن لدى علاقة ومصلحة فى هذا البلد، لدى مستقبل هنا أريد ان أحميه انا لا ادين احدا بشكل مسبق ولكنى أطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول امامكم فهل هذا كثير ؟ أليسوا بشرا خطائين مثلنا أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقى البشر؟!

سيدى الرئيس..
أنا ومعى المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ اليكم
فأغيثونا..أغيثونا ...

أغيثونا ..أغيثونا هل يسمع أحد ! هل تقدم أحد لمساعدة الشعب منذ تلك الاستغاثة السينمائية القوية والتي جاءت مع الفيلم الذي كان ردا على الحادث الشهير لاتوبيس مدرسة الأطفال الذي صدمه قطار فوق أحد المزلقانات.

المثير للسخرية ان السكك الحديدية المصرية تاريخ تأسيسها يأتي في المرتبة الثانية عالميا 1834 بعد الإنجليزية! ومع ذلك حالها الذي وصلت إليه بفعل "الفساد" جعلها في المراتب الأخيرة الآن، الفساد والسرقة اللذان ينهشان في كل شيء في البلد، وجدنا أنفسنا غارقين في مستنقع كبير من الفساد مع فاسدين من مسؤولين ورجال أعمال لم ينظروا حتى بعين الشفقة والرحمة لهذا الشعب، كان همهم الوحيد نهش أجساد المصريين وتحقيق الثروات الطائلة مسؤول وراء مسؤول يأتي ومعه حاشيته من رجال الأعمال يبحثون كيف نحقق أكبر غنيمة من هذه البلد قبل أن نقفز من المركب! مثلما قفز سائق القطار "الطائش" قبل الحادث بلحظات لينجو بنفسه من الكارثة!

واللافت في التحقيقات الأولية لحادث قطار الموت الأخير ذكرت أن السائق اعتاد كسر الإشارات وعدم الانصياع للسرعات المقررة "طيب سبتوه ليه؟!" من المسؤول هنا السائق أم من تركه في محل عمله رغم مخالفته لقوانين العمل؟!

للأسف لم يهتم رؤساء الدولة أو رؤساء الحكومات طوال عشرات السنين الماضية أن يجددوا أو يطوروا من السكك الحديدية شريان النقل الرئيسي للمصريين من الشمال إلى الجنوب، ملايين الركاب سنويا يستخدمون تلك الوسيلة ومع ذلك ظل حاله من سيئ لأسوأ وحتى الأن لا توجد خطة طموحة وواضحة لتطويرها مع العلم أن هناك مشروعات ضخمة أخرى كان يجب تأجيلها وإعطاء الاولوية للمشروعات الحيوية للشعب.

السكك الحديدية لمن لا يعلم هي شريان حياة رئيسي لأهل الصعيد أكثر من 20 مليون نسمة، هي الناقل الرئيسي لهم لبعد المسافة عن العاصمة ومع ذلك لم نسمع أن هناك خطة جدية لتطوير السكك الحديدية ومجرد كلام ووعود منذ وزراء نقل نظام مبارك "نفس السيناريو" يتحركون عقب كل حادث ويعقدون الإجتماعات ولا يحدث أي شيء! سوى تكرار الحديث عن أن سبب تلك الحوادث هو العبث "بالجزرة" حتى صار الأمر قمة السخرية من هذه التصريحات الهزلية، ولم نجد سوى خدمة سيئة وتأخير في مواعيد القيام والوصول وأعطال في التكييف وعربات متهالكة.

تحتاج السكة الحديد لتكون على رأس أولويات هذه المرحلة..فهل يسمع أحد الاستغاثة المستمرة منذ عشرات السنين!؟ بعد أن تجاوز عدد ضحايا حوادث القطارات أكثر من الف شخص منذ التسعينيات وحتى الآن!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط