الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منيو الباشا


لغز يتحدى ذكاءك وينمي خيالك ويحفزك على التفكير المنطقي السليم.. وعادة ما يصعب الإجابة عليه.. ولكن الحكومة تصمت كأنها لم تفهم.. وتتجاهل كأنها لا ترى.

لديك قناعة أنه يعمل برعاية حصرية من الشرطة وبتنسيق خفي مع المسئولين -مع أننا لا نمتلك الإثبات- يضطرك على التعامل معه رغم فرضه إتاوة عليك، تعلم أن وضعه غير قانوني "بدون تصريح أو ترخيص" ومع ذلك تخشاه وتساير أمورك معه، تعلم أنه يبتزك ومع ذلك تدفع له طواعية، ربما يكون بلطجي أو رد سجون ومع ذلك تستأمنه على مفاتيحك.. تدفع مقابل إيجار له بالساعة رغم أنه واضع يده.

يقسم الشوارع إلى مناطق نفوذ ويفرض تعريفة انتظار "بغلاسة" تحت مرأى ومسمع الجميع.. يدر آلاف الجنيهات يوميا وأنت تعيش حد الكفاف.. يحمل صافرة تشبه التي يستخدمها أفراد الشرطة.. ومما يزيد اللغز لغزا أن من يعمل في هذه المهنة البلطجي، وخريج السجون، والجامعي!

مصير اعتراضك على إتاوته الاعتداء أو التشاجر معك، أو تحطيم زجاج سيارتك، أو تفريغ الإطارات الأربعة.. يظهر فأجاة ويفتح لك باب عربيتك بابتسامة سمجة ويقول "حمد الله على السلامة يا بيه"، يعقبها سؤالا سخيفا "حضرتك هتتأخر؟!".

اللغز يتكون من (4 أحرف) توجد له عدة نسخ أخرى تنسب إلى المهندس "شريف إسماعيل" ووزراء حكومته، لكن طريقة حل اللغز تظل ثابتة في جميع النسخ رغم اختلاف الحكومات.. فقط يمكنك الاطلاع على الحل بالتفصيل فيما يلي..

"سايس" تلك الكلمة التي تتكون من 4 أحرف -ولكنها عبئا على أصحاب السيارات- وظيفته مساعدة الناس في ركن سياراتهم بجوار الرصيف، ويحافظ عليها في فترة غيابهم مقابل أجر معين، والأدهي والأمر يفاوض الشرطة لمصلحة السيارة المركونة خلافًا للقانون، فيصبح أداه مساعدة على الركن في الممنوع ومخالفة القواعد المرورية برعاية الداخلية.. ليعلن قانونًا موازيًا لقانون الدولة الغائب.

كان للزحام المروري الشديد في القاهرة وضواحيها، وتكدس السيارات، ونقص الأماكن المخصصة للانتظار، أهم أسباب انتشار ظاهرة السايس، الذي يطلق عليه " الباشا " حيث يدر دخلا في بعض الأماكن يتجاوز دخل صاحب السيارة الفارهة لدرجة تجعلهم فيما بعد أباطرة للعقارات والتجارة، ويتراوح "منيو الباشا" قائمة أسعار الإتاوة في الركنة الواحدة من 5 إلى 20 جنيها، أو دولارا واحدا بحسب المنطقة.

وانطلاقا من سياسة الأمر الواقع لقد أصبح السايس مهنة بالفعل قضت على بطالة عددا لا بأس به.. وأصبحت حياة أصحاب السيارة في القاهرة الكبرى وضواحيها صعبة بدونه، لذا يجب أن تبدأ الأحياء بالتفاوض مع هؤلاء الأفراد لتنظيم عملهم ليكونوا تحت رقابة المحليات، ثم تقنن الأوضاع باستخراج سجل أمني يستبعد البلطجية منهم، ومنحهم تراخيص للعمل، ووضع دفاتر مختومة يحدد بها تعريفة الانتظار وعدد الساعات، على أن يدخل المال المحصل إلى خزينة الدولة ويتم تحديد رواتب خاصة بالسيّاس تتناسب مع مجهودهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط