الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واحشني بس الرصيد حايشني


السطور الآتية ليست إعلانًا وهميًا أو خدعة، ولا تندرج تحت الحيل التسويقية، بل هي جزء من إعلان حكومي جديد يزيد من أعباء المستهلك الذي اسْتُهلِك.

- مصدر الإعلان: الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وهو جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات.

- مهام الجهاز: مسئول عن تنظيم قطاع الاتصالات والمحافظة على مبدأ الشفافية والمنافسة الحرة والخدمة الشاملة وحماية حقوق المستخدم.

- اسم الإعلان: زيادة أسعار كروت الشحن!

- تفاصيل الإعلان: ادفع فلوس أكتر تأخذ رصيد أقل، يعني كارت الـ100 جنيه فيه رصيد 70 جنيها.

- المستهدفون من الإعلان: كل مواطن مصري الجنسية يمتلك خط اتصالات وبيشحن رصيده بالكروت أو على الطاير أو عن طريق الكاش.

- المستثنون من الإعلان: أصحاب الباقات من الدقائق والإنترنت ! (إلى الآن).

مسببات الإعلان: ارتفاع أعباء المصاريف التشغيلية لشركات الاتصالات وحتى تتمكن من توفير الأجهزة اللازمة لتطوير شبكاتها، والاستمرار في تقديم الخدمات بكفاءة، لاسيما مع إطلاق خدمات الجيل الرابع للمحمول.

- للاستمتاع بالخدمة: يرجى الذهاب إلي أقرب سوبر ماركت أو مكتب اتصالات، للتأكد من حقيقة الإعلان، مع وافر تحيات جهاز تنظيم الإتصالات لقضاء أتعس الأوقات، تطبق الشروط والأحكام.

أَطَلّ وأَهَّلَ هذا الإعلان يوم الخميس الماضي، فأشعل "فيس بوك" وروادُه في دقائق معدودات كاد يصبح من كثرة التعاطي فيه أسطورة إعلامية، أعقبتها حملات للمقاطعة بحسن نية من الأشخاص العاديين للعدول عن القرار، وبسوء نية من الجيوش الإلكترونية للجماعة الإرهابية لإسقاط الدولة وتخريب كيان شركات الاتصالات.

ومن ذلك الحين، ووسائل الإعلام الأخرى بدأت بالتساؤل عن هذه الزيادة المذهلة، وما إذا كان الأمر مجرد خدعة للتسلية؟ أم حقيقة مرة "بضم الميم" تضاف إلى منغصات حياة المواطن!

إلا أنه مع الأسف والألم "الإعلان صحيح".

إنما للصَبر حدود يا حكومة، فقد انكفأ المواطن المصري محدود الدخل علي وجهه من كثرة الأشعة فوق التعسوية والنكدية التي يتعرض لها من القرارات السياسية، إنما للصَلابة حدود، فقد انزلقت الطبقة المتوسطة إلى نحو الطبقة الفقيرة، إنما للجَلَدْ حدود، فقد انحدرت الطبقة الفقيرة إلى نحو تحت خط الفقر، إنما للطَاقة حدود، فقد انكمشت مدخراتنا الضئيلة إلى أقل من النصف، إنما للاحتِمال حدود، تعطونا خدمات منزوعة الدعم ورواتب معدومة الدخل.

إنما لليأْس حدود، رفعتم الدعم عن المحروقات فأشعلتم النيران في جيوبنا، إنما للجَزَع حدود، حشرتونا بين سياسات اقتصادية فاشلة وجشع التجار وثقوب الميزانية وخرم العجز وشروط صندوق النقد الدولي فتسدون الثقوب والأخرام بالجباية من مرتباتنا.

إنما للضَجَر حدود، ارتفعت أرصدة الأغنياء بسبب سياسة الاقتصاد الاستهلاكي وانخفضت حَصّالة الفقراء من البنكنوت، إنما للأمل حدود، طوب وأسمنت وحديد وإحنا مرتباتنا في الحضيض، إنما للرجاء حدود، بنشتغل لنسدد فواتير المياه و الكهرباء والغاز والتليفونات والنت وبعدين نكمل الشهر بالسلف والدين.

فالحكومة من فترة لأخرى تشطب بندا من الدعم لتكمل مسيراتها في رفعة، ثم نطلق الحسرات الداعية للانعزال عن استخدام المنتج أو الخدمة المرفوعة، لكن دوما بشهادة التاريخ والمجتمع نعود سريعا لنستهلك المنتج أو نستخدم الخدمة، وسرعان ما تذوب أمواج المقاطعة في بحر الاحتياج اليومي لمتطلبات الحياة.

فأقترح بدل ما نقاطع! نغير سلوكياتنا السيئة "وأنا أولكم"، من التحدث لمدد طويلة على الموبايل ونضيع وقتنا وفلوسنا وصحتنا فلنبدأ من الآن ونقول: "واحشني بس الرصيد حايشني".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط