الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب الحرم المكي يكشف عن «أشخاص» أحق بالوفاء

صدى البلد

قال الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الوفاء يزيد ويعظُم في حق الذين لهم حقوق على الإنسان، من أبناء وإخوان، وزوجة وخلان.

وأوضح «المعيقلي» خلال إلقائه لخطبة الجمعة اليوم، بالمسجد الحرام، أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم أوفى الناس بقرابته وزوجاته وأصحابه؛ فهذه خديجة رضي الله عنها وأرضاها، كانت خير معين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على تحمل أعباء الدعوة في أولها، فآزرته بنفسها ومالها، فكانت خير زوجة لزوجها، ففي الصحيحين: «أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام، أو طعام أو شراب؛ فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب».

وتابع: وقال السهيلي: "وهذا مناسب لما كانت عليه خديجة رضي الله عنها، من حسن الاستجابة والطاعة، فلم تحوج زوجها إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب؛ بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عصيب، وكانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط؛ فناسب أن يكون منزلها الذي بُشرت به من ربها بالصفة المقابلة لفعلها؛ فهي لم تصخب عليه، ولم تتعبه يومًا من الدهر". انتهى كلامه رحمه الله.

وأضاف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قابل وفاءها بوفاء أعظم منه؛ فعرف حقها وقدرها ومنزلتها، وظل صلى الله عليه وسلم بعد موتها، يكثر من ذكرها وفضلها ومحاسنها، ويتفقد صديقاتها، ومن أحب شيئًا أحب محبوباته؛ ففي صحيح مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة».

واستشهد بما روي:تقول الصديقة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها-: ما غِرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتها؛ ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول "إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد"، رواه البخاري.

واستطرد: وبلغ من وفائه صلى الله عليه وسلم، أنه لما دخلت عليه امرأة كانت تدخل عليه أيام خديجة، هش لها وبش، وسُر لرؤيتها، ثم قال لأهله: (أكرموها فقد كانت خديجة تحبها)، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟) قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: (إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان).

وأشار إلى أنه كان -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع صوت هالة أخت خديجة، برقت أساريره، وابتهجت نفسه، قال النووي رحمه الله: "وهذا كله دليل على حسن العهد وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب".