الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثقافة بناء الأجيال


من أقواله البديعة الناجعة النافعة على صفحته بالفيس، والتي جذبتنى إعجابا، وموافقة له على كل حرف سجلها بها، وكانت وحيا لكتابة مقالى ذلك، واقتباسا من عنوانه "ثقافة بناء الأجيال"، قوله: علماء النفس يقولون: "أعطونا السبع سنوات الأولى لأبنائكم نعطكم التشكيل النهائي الذي سيكون عليه الأولاد"، مرحلة عزيزة ورئيسة جدًا في بناء الأجيال هي مرحلة الطفولة وليس الشباب، نحن نجد الآن شبابًا انتشر بينهم الفقر الفكري، الفقر المعرفي، التآكل الثقافي، غياب الأخلاق، اغتراب اللغة والقِيَم، التأثر الواضح بالاختراق الثقافي.. الخ.

ثم دعوته لكل ولى أمر ومسئول: "قوموا بالتحصين والتطعيم ضد هذه الأمراض، بتعبئة فكرية، معرفية، ثقافية، أخلاقية، قِيمِيّة، تربويّة، سلوكيّة، وإيمانيّة، في المرحلة العمرية الأولى لهم؛ لنقدم للمجتمع جيلًا يتسم بالاستقامة في الفكر، العفة في السلوك، الجودة في الأسلوب، القوة في الطموح، الجرأة في الحق".

إنها رسالة أخى الصديق العالم الجليل الشاب الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء الأزهر الشريف و"الأوقاف"، الشاب، الغيور على نشئنا، ومجتمعنا، وهويتنا، وله من الكلمات والمساهمات الأخرى ما يصب في ذلك، وكان لى شرف محاورته عبر حوارين، في تناول قضية المواطنة الصحيحة الصالحة، والتي ينسجم ويتوحد فيها كل شرائح المجتمع باختلاف ديانته وعرقه، مؤكدا بها أننا لحمة واحدة وعروة لا انفصام لها بإذن الله تعالى.

إنها محاولات جادة دؤوبة، نفخر وتفخر بها دولتنا المصرية الحبيبة، ومثلها -على سبيل المثال لا الحصر- دعوات ومبادرات علمائنا الأفاضل، العلَّامة المفكر الإسلامي والإصلاحي القدير الدكتور حامد طاهر نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، وأستاذى الذى شرفت بأنى كنت أحد تلاميذه بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، ثم أحد محاوريه فيما بعد، والذى يمثل بفكره وأطروحاته الإصلاحية، حالة فريدة من المصلح الاجتماعى الذي يحاول كشف المخبآت، ودفع الستار عن المعايب التي ألمت بجسد أُمتهِ، للتخلص من أسباب تَخَلُّفِها، والأخذِ بما يؤهلها للتقدم والنهضة وعلاج ما آل إليه حال المصريين من تدهور وانحطاط، شمل كل مجالات حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وتؤدي به إلى الهلاك.

والعالم الجليل الشاب الشيخ أحمد ربيع الأزهري، صاحب المبادرات، الذى يمثل هو الآخر، حالة فريدة من الخيرية التى يتحلى ويتميز بها ازهرنا الشريف، على مدار عمره، فالرجل أعدُّه بفكره ودعوته الاصلاحية الثاقبة الشاملة مصلحا دينيا واجتماعيا، ولما لا وهو المنادى بأن خطابنا الديني لا بد نشره بثلاثية النجاة، وهى "علم يرفع، وعي يجمع، عمل يدفع "، ومن منطلقات تمثل المحافظة على الثوابت، "وسطية المنهج، الحفاظ على الهُوية، الحفاظ على الخصوصية الحضارية، المشاركة في صناعة مشروع نهضوي وحضاري للأمة".

هؤلاء وغيرهم كثيرون، يؤكد أن هناك من يحمل همَّ مجتمعه، وبنيه، وأخلاقه، وسلوكه، وفكره، ومصريته، بعقل تنويري يعمل على وضع ورقة علاجية شافية جامعة لما أصاب بعض شبابنا فيما سبق ذكره، ولكن هيهات لمن يسمع ويستجيب.

أدعو وأناشد -أنا أيضا من منبرى ذلك- الدولة كلها، بمسئوليها في مختلف قطاعاتها، تبنى تلك المبادرات وتفعيلها، وتبنى مشروعات وحملات وطنية وقائية تهدف إلى النزول والجلوس مع كل أبنائنا الطلاب في مختلف المراحل التعليمية، من الابتدائية وحتى الجامعة، عبر إقامة حلقات نقاشية وورش عمل، تعزيزا فيها لانتمائهم الوطني، وغرسا لقيم المواطنة الصالحة والتصدي للأفكار المنحرفة، وتوعيتهم بمفهوم التطرف، الواردة لهم ولنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها، أخذا بأيديهم ومجتمعنا نحو شاطئ النجاة.

وتوازيا مع تلك الدعوة المباركة لفضيلته، نجد دعوات أخرى عملية وفعلية، لا تقل أهمية وغيرة على شبابنا، حيث نجد بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية؛ ينظم دورة مجانية بعنوان "الثقافة العربية والإسلامية"، وذلك بداية من يوم الأحد الحادى والعشرين من يناير 2018م ، يُحاضر فيها نخبة متميزة من المحاضرين والأساتذة المتخصصين، وتأتى الدورة هادفة إلى ملء الفراغات الفكرية لدى الأجيال الجديدة، حيث ثمة تساؤلات تتعلق بالإسلام كدين ومنهج وثقافة لدى تلك الأجيال، وبالتالي فإن ملء هذا الفراغ بصورة جيدة يتيح إعادة بناء هذه الأجيال بصورة فكرية صائبة.

تتناول الدورة الحديث في موضوعات عدة وهي علم الحديث والمحدثين، التاريخ الاسلامي، التراث العلمي العربي، مقاصد الشريعة، الخط العربي وفنونه، اللغة العربية، الفكر الاسلامي، المخطوطات الاسلامية، العمارة والفنون الاسلامية، ماهية التصوف، الأقليات في الحضارة الاسلامية، عالمية الحضارة الاسلامية، الشبهات، وتأتي الدورة لمدة أسبوعين متتاليين في عدد عشرين محاضرة بواقع محاضرتين في اليوم الواحد.

ومن أوجه التحفيز لشبابنا بتلك الدورة التنويرية ما أعلنه وصرح به الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، أن الدورة مجانية في إطار دور مكتبة الإسكندرية لدعم الثقافة العربية والاسلامية، وأنه سيتم إهداء المشتركين عددا ضخما من الكتب المهداة ، كما سيتم منح المشتركين شهادات معتمدة من مكتبة الإسكندرية عقب انتهاء الدورة، وتستهدف الدورة الشباب من الجنسين من سن ثمانية عشر إلى اربعين سنة، وبحد أقصى ستين مشترك، ويمكن لمن يريد معرفة المزيد من المعلومات، التواصل مع صفحات بيت السنارى على مواقع التواصل الاجتماعي.

تلك المبادرات وغيرها، مطلوب انتشارها وعلى وجه السرعة في كل بقاع وطننا الطيب المبارك، تجديدا حقيقيا لخطابنا الدينى والسلوكى، وعلاجا شافيا -بإذن الله- ووقاية لفقر شبابنا الفكري و المعرفي، واغتراب وغياب أخلاقه ولغته وقِيَمه، وتأثر البعض الواضح منهم بالاختراق الثقافي.. والله يقول الحق، وهو يهدى السبيل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط