الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تصويت الشفقة وجبر الخاطر


بقلم أسود سميك وخط كبير عريض "بولد" تكتب الصحف مانشيتاتها، وبمايك داخل استوديو وشاشة اتش دي، يتصوّر عدد من الصحفيين والمذيعين أن عناوينهم اللازعة أو مقدمة برامجهم "الإنترو"، ستكون طُعماً يصطادون به منافسو الرئيس السيسي، لاغتيالهم أمام الرأي العام وبخاصة من لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية المشرفة علي الأبواب، ويتخيلون أنهم يحملون توكيلاً من الوطنية يمنحهم الصلاحية الوهمية علي تلك الاغتيالات، متخيلين أنهم سمكة القرش التي تستطيع أن تبحر في أعماق الناخب للتصويت للسيسي دون غيره، وتوجيه الناخبين نحوه بعيدًا عن الآخرين.

هؤلاء الزملاء قرروا تقديم مادة سينمائية قدمت فى أكثر من فيلم ومسلسل ونشرت عنها مئات الكتب، إننا أمام تمثيلية يومية يمكن وصفها بالكوميديا السوداء، نتابعها بشغف وغضب، ولكن نعلم أن الرئيس السيسي بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

علي ما يبدو أن بعض الزملاء لم يجدو أمامهم سوي الإنتخابات الرئاسية ليأكلوا منها خبزهم، فتحولوا من كتيبة معلومة إلي كتيبة رأي، ومن صحفيين وإعلاميين إلي صيادين أخطاء وغواصين في أعراض وانتهاكات، يدسون السم فيما يرونوه دواء -باعتبار أن الرئيس السيسي هو الأصلح للأربع سنوات القادمة- مع علمنا أن السم يدخل فى صناعة الدواء، وإن لم تستخدم جرعاته بحساب فإن الشفاء المنشود سيصبح وفاة.

إن هجوم الزملاء طواعية علي من أعلنوا ترشحهم لمنافسة السيسي، إذا ما تجاوزوا الحدود المعقولة وخرجوا عن المنطق، قد يصب فى صالحهم، فالمصريون بطبيعتهم يتعاطفون مع الضحايا والضعفاء وربما مع الجاني إذا زرفت عيناه بالدموع، كما أن الانتقاد الزائد الجرعة للمرشح المحتمل، يعطي انطباعًا بأنه شخص مثير لقلق السلطة الحالية وإن لم يكن كذلك ، فتتجه له الأنظار ويتم التصويت له من باب الشفقة والرحمة وجبر الخاطر، أو من باب العناد السياسي من منطلق الشيئ اللي بيزيد عن حده بينقلب لضده، كما يؤمن المصريون بأن الهجوم السياسى المتوحش لا يخرج عن كونه تعليمات أمنية أو أخري ولو لم يكن كذلك، وهو ما يكره المصريون، وبالتالي تسقط قطع الدومينو بما لا تشتهي أوراق اللعبة الانتخابية.

إن الانتخابات الرئاسية والمنافسة عليها ، أمر لابد منه طبقا للدستور ، وقد بات مؤكدا خوضها كل أربع سنوات ، ولا يتصور أنها ستكون حكرا لشخص أو جماعة ، فالقانون يسمح بالترشح لمن تتوافر فيه الشروط ، كما أن الإيجار الطويل لكرسي الرئاسة لم يعد يتعد الثماني سنوات ، بشرط عبور الجولة الثانية بعد الأربع سنوات الأولي، وهذا من أهم مكتسبات ثورة يناير .

إذًا دع الانتخابات تفرز شعبية من يتوقع أنه قد ذاع صيته من الإسكندرية إلي أسوان ، دعها تبين حقيقة العضلات المفتولة لمن يتوقع نفسه في صالة "جيم" الوطن فلربما يكتشف أنها أي العضلات نفخت بمقويات مزيفة منتهية الصلاحية، دع الانتخابات تبين من يتوهم أنه أسد صناديق الاقتراع إذ ربما يعرف فيما بعد أنه نعامة يجب أن تظل رأسها في الرمال، دع الإنتخابات توضح أن النزول إلي حلبة صراع الكبار ربما تصاب بالضربة القاضية قبل أن تبدأ الجولة الأولي، فتكون خسارتك في العجز عن جمع التوكيلات – فتتوكل علي الله وتقعد في بيتك.

خاصة أن منطق الأشياء وبالنزول إلي أرض الواقع، يدلل علي الأرجح أنه أياً ما كان المرشح أو المرشحين لمنافسة السيسي، لن نكون في حاجة إلي جولة إعادة، وأن الجولة الأولي ستحسم الرئيس المنتخب، والذي لا يخرج عن اسم السيسي -وهذا تقديري- ، وإن كنت أتمني انتخابات تنافسية وأعتقد الرئيس السيسي يريدها كذلك.

إذًا علي الإعلام أن يغلق حنفية رغبته في أن يظل وحده هو الممثل والسيناريست والمؤلف والمخرج ومهندس الديكور وقاطع التذاكر لدخول مسرح الانتخابات الرئاسية!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط