الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عفرين وسيناء ضحيتا التوحش الرأسمالي


علينا قبل كل شيء أن ندرك أنه ليس للرأسمالية أية علاقة مع الاقتصاد، بقدر ما هي ظاهرة سرقة ونهب خيرات الشعوب والمجتمعات والأوطان.

 ويعتمد الاقتصاد على عاملي الاستقرار والأمن كي يوفر البيئة والشروط المناسبة للقيام بمهامه في عملية التبادل السلعي في السوق وفق نظرية العرض والطلب، بينما الرأسمالية لا تمت لهذه الآليات بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد بقدر ما تعمل على زرع الفوضى في كل مكان بغية تحقيق الربح الأعظمي جراء بيع الأسلحة لكل الأطراف المتصارعة المتناحرة حتى استنزاف هذه الأطراف، والتي هي أيضًا لا تعلم لماذا تتقاتل سوى لبعض المصطلحات التي حقنت بها الرأسمالية نفسها، من قبيل الاستقلال والدولة والعَلَم والعرق والدين. مع العلم أن المجتمعات والشعوب المتعايشة مع بعضها البعض منذ مئات وآلاف السنين لم تكن تعرف معنى التناحر والصراع.

إنها الرأسمالية التي تعيش الآن أبشع مراحلها من توحش وقتل وخراب ودمار كالذي عاشته في الحربين الكونيتين الأولى والثانية بغية إطالة عمرها ولو قليلًا. الآن تحاول نفس القوى بأن تبحث عن مخرج للأزمات الداخلية التي تعاني منها عن مخرج علَّها ثانية تستمر بوجودها كآفة وفطريات تعيش على حساب الآخرين من الشعوب بعد تدميرها تحت شعارات رنانة "الديمقراطية – حقوق الانسان – مجلس الأمن..." الخ.

هذا ما تعيشه سوريا والعراق ومصر واليمن وليبيا وغيرها من الدول التي باتت ألعوبة بيد القوى الرأسمالية التي تعمل على خلق الفتن والنزاعات بين شعوبها، وبنفس الوقت تقتات من دماء هذه الشعوب بعيدًا عن كل المُثل والأخلاق وأي وازع ضميري عند الانسان.

لكن للشعوب أيضا كلمتها التي هي أعلى من كل الأصوات التي تصدرها القوى الرأسمالية وأن لهذه الشعوب الكلمة الفصل في تحقيق أمانيها في العيش الكريم والحرية، وفق ما تريده هي وليس كما يتم رسمه في سراديب القوى الرأسمالية إن كانت أمريكا أو روسيا دوليًا وحتى تركيا الوكيل الحصري لمشروع الشرق الأوسط الجديد.

عفرين وسيناء الآن تقومان نفس القوى الرأسمالية التي تسعى بقضم الجغرافيا وإبادة الشعوب والثقافات لتحقيق مآربها وأطماعها في الربح الأعظمي.

ستنتصر سيناء وعفرين كما انتصرت أخواتها من المدن في الموصل والرقة وكوباني. إنه صراع بين الشعوب التواقة للحرية وبين القوى التي تريد فرض التبعية والتقسيم والعبودية والخضوع على الشعوب. وفي نفس الوقت صراع بين القوى التي لا تعرف الحدود في القتل والنهب والدمار والخراب وتزييف الحقائق التاريخية والمجتمعية وبين القوى والشعوب التي تسعى لفرض الأخلاق والضمير والإنسانية والكرامة والمجتمعية السياسية. إنه صراع بين المادية الرأسمالية الفظَّة وبين الحقيقة المجتمعية والتاريخية المعتمدة على المجتمع السياسي والأخلاقي.

النُظم تزول وإن قوي عضدها ولكن تبقى الشعوب وإن وهنت بعض الوقت. ولهذا نقول إنها مرحلة تاريخية في عمر الانسانية نعيشها بكل التفاصيل والآليات، وأن للشعوب إن نفضت غبار الزمن عن ساعدها، حينها لن يكون هنالك أية قوة يمكن أن تعرقل مسيرتها نحو الحرية.

لذلك نقول أن عفرين ستنتصر وسيناء ستنتصر. لأن العدو واحد وإن تعددت الجغرافيا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط