الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

OLX القتل بـ"الدلاّلة"


من الطبيعي أن نستيقظ كل صباح فنسمع أو نقرأ خبر وفاه قريب أو جار أو صديق فكل من عليها فان ، لكن من غير المعتاد أن نسمع خبر قتلهم ليس في مشاجرة ولا تصفية حسابات ولا ثأر ولا حادث إنما بسبب لاب توب!

راح محمد عبد العزيز الطالب بالفرقة الثالثة بهندسة بنها، ضحية حلمه بإقتناء لاب توب بمواصفات متطورة، بعدما حرّم علي نفسه الكثير من متع الدنيا ليوفر سعره ليساعده في دراسته ، حيث إتفق الجناة علي إستدراجه بعدما أعلنوا عبر (أوليكس) أن بحوزتهم "لاب" بأقل 10 آلاف جنيه عن سعره الأصلي ، وبالفعل قاموا بإقتياده إلي مكان بعيد عن اعين المارة ليطعنوه بالسلاح الأبيض ليسقط شهيدا ويستولوا علي متعلقاته.

في السابق كانت لهذه التجارة مسمي اخر وهو " الدلّالة" مهنة للنساء إنتشرت قديمًا فى القرى ، حيث كُنّ يأتين بالقماش والسلع البسيطة ،وتدلل بضاعتها عن طريق التجول علي البيوت لكسب المال، وكان مسموحا  بالبيع والشراء بالتقسيط ، ولكنها كانت آمنة حيث تأتي الدلّالة إلي منزلك وسط عشيرتك وجيرانك .

إلي أن جاءت " ريا وسكينة " وغيرت خريطة عمل الدلّالة ، من خدمة تدُق علي بابك فتفتح بأمان ، إلي خدمة تدُق علي بابها فتُقتل بأمان علي يد "عبد العال" و حسب الله" "

ومع التطور التكنولوجي الكبير أصبحت الدلّالة سوقا تجاريا ضخما يضم منصات ومواقع علي النت لا حصر لها ، خلقتها حالة الركود الإقتصادي والغلاء التي تمر بها الأسواق ، ففيها يتم البيع والشراء دون أدني رقيب أو حسيب ، فقط الرقيب الضمير الذي مات ودُفن في مقابر الجشع والظلم لدي البعض ، كما حدث مع طالب الهندسة ، فالصفقة معلومة لكن مع أشخاص مجهولين ، وهنا تكمن خطورة المسألة.

توفي محمد وترك غُصة في نفوسنا جميعا من منصات البيع أون لاين ، وأنتهز الفرصة لأقدم واجب العزاء لأسرته وأصدقائه ، ولكن فرض الحادث تساؤلات بشأن كيفية تأمين مستخدمى مواقع التجارة الإلكترونية وكيفية تحديد نقاط للإستلام لتأمين العملاء المتعاملين مع تلك المواقع

الحادث سالف الذكر محاولة جادة لوضع مرآة أمام الضمير الإنساني ، كي نستطيع مكاشفة أنفسنا دولة وشعبا في تجارة مشروعة أصبحت من أهم الأدوات التي يستخدمها المصريون للتسوّق أو ملجأ للهروب من شبح البطالة ، ولكنها ليست بالبريئة من قتل محمد ، ووجب علي البرلمان المصري سرعة إقرار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لضبط التجارة الإلكترونية والتسوّق عن بعد لحماية أرواح المصريين.

وأن يأخد المجتمع عبرةً مؤلمةً ودرسًا ثمينًا من حادث المرحوم محمد عبدالعزيز بعدم مقابلة البائع في توقيت متأخر من الليل وبمبلغ كبير من غير إصطحاب قريب أو صديق بغرض الحذر، و لقاء البائع في مناطق آمنة على غرار محطة المترو أو مراكز التسوق أو أي مكان عام، وعدم التعامل مع البائعين الذين يصرّون على معرفة معلومات شخصية عنك مثلًا عمرك وحسابك المصرفي ، وعدم إتاحة بياناتك الشخصية للبائع ،كما يجب أن تُبلغ أهلك أو أصدقاءك بمكان المقابلة وبموعدها كما يفضل أن تُرسل 'اللوكيشن' عبر "واتساب"

فهل نفيق جميعا وطن ومواطنون قبل أن تَحْصُد الدلّالة أون لاين أرواح فلذات أكبادنا وأعزائنا ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط