الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السجينة بنت نبروه


"ياما في الحبس مظاليم" تلك المقولة الشهيرة ربما تنطبق حروفها ال17 علي سيدة مسنة تجاوز عمرها الـ75 خريفا، حيث دبر أحد الشباب حيلة ذكية لتمرير مخدرات إلى السعودية من خلالها، بإعتبار أنها لن تكون موضع شك لضباط الجمارك، مستغلا أنها من ذوات ضيق اليد والمعيشة وليست ممن ينطبق عليهم قوله تعالي "مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" فأوهمها أن رجل أعمال سعودي سيهديها عمرة مجانية، هلّلت العجوز التي كانت تتضرع ليل نهار لزيارة بيت الله الحرام !

النصاب "شيطان الإنس" وبالقرب من مطار القاهرة، أعطاها شنطة قال بها ملابس لتوصيلها ل "فاعل الخير" السعودي ، فأخذتها!

عدت الشنطة المحتوية علي مواد مخدرة وليست ملابس من التفتيش بمطار القاهرة كما السكين في الحلاوة ولنا في ذلك علامات إستفهام مصحوبة بتعجب، لتقع الحاجة سعدية عبدالسلام حماد - قرية درين بمركز نبروه بالدقهلية- في قبضة السلطات السعودية التي تَعتبر جلب المخدرات من الجرائم الكبرى، ليتم سجنها !

وبعد مفاوضات الخارجية المصرية، ترأفت السلطات السعودية بشيخوختها وتم الإبقاء عليها أسيرة في المستشفي التي تعالج فيها من مرض السكر الذي أصابها بعد الصدمة، في لفتة إنسانية تحسب للشقيقة السعودية.

لكن السجن سجن سواء داخل زنزانة قسم أو مجمع سجون أو في منتجع 5 نجوم أو في مستشفي كما هو الحال مع سعدية ، فلم يعد باستطاعتها قضاء حاجاتها إلا باستئذان، ومهاتفة أقاربها بتصريح، والخروج خارج حجرتها بمواعيد ، حمل المحمول جريمة ، الزيارات محدودة ، حتي فتح الشبابيك لدخول الشمس حلم، فالأرق والألم الجسدي والنفسي والبكاء من تقييد الحرية واحد سواء في زنزانة أو جناح في قصر.

ان إستخدام نصوص القانون وحدها مع "المُسنة سعدية" لن يحقق العدالة المنشودة ، بل سيكون كما تواجة الهرة ملك الغابة حتما سيقضي عليها ، فلابد أن يتم التعامل معها على أنها ضحية لنصاب حاول إستغلال هرمها ، هذه هي روح القانون التي تعطي القوانين الحياة  

لكن يبقي السؤال متي ستخرج ضحية النصب بإسم العمرة من محبسها ؟ متي ستعود إلي وطنها ؟ من يستطيع أن يعوضها عن"المرمطة"في أخر عمرها ؟ من يرفع عنها بلاء مرض السكر الذي ألم بها ؟ متي ستري أولادها وجيرنها ؟ من يخلصها من الموت البطيئ الذي لا يتحمله شابا في عنفوانه ؟

أسئلة تحتاج إلي سرعة إجابة وإستجابة من كل الجهات المعنية وعلي رأسها وزارة الداخلية ، قبيل أن تفقد العجوز عمرها في السجن ، أو علي الأقل قبل أن يموت قلبها قبل جسدها ؟ وتبقي العجوز علي هذا الوضع ربما مدي الحياة لحين تقديم أدلة جديدة تثبت تورط أخرين وإستغلال العجوز بدون دراية أو علم منها .

فإلي كل المناضلين من أجل الحرية ! إلي كل مؤسسات الدولة ! وراء القضبان تقبع سيدة تحمل مخزونا من رسائل الظلم والقهر والحسرة والنكبة والنكسة والإذلال والإجحاف والإهانة والتضييق والإضطهاد والإخضاع والإخناع والإستحقار والإستبعاد ، تشتاق إلي تنفس الحرية ومعانقة الوطن ورؤية الأهل والأصدقاء والأحباب ، فمن سيمد لها يد العون ؟

لابد أن تكون الحاجة سعدية علي أجندة الأولوية للرئيس القادم ، ليس بمساعدتها علي الخروج من محنتها ، ولكن بتحقيق حلمها المؤجل في حج البيت المعمور ومنحها الأم المثالية ، إنه الفعل الذي قد ينسيها مرارة السجن ومشقة التحقيقات وتعب الغربة وعلقم مرض السكر المزمن الذي تمكن من جسدها نتيجة صدمة إحتجازها .
وأخيرا لا تنظروا للقضية علي أنها جناية وجب ثبوت الأدلة فيها ، بل علي أنها قضية إنسانية وجب خروج الضحية منها .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط