الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قوة المبادرات


في الآونة الأخيرة، لا يمكن إنكار جهود وأثر المبادرات الفردية على المجتمع المصري، وهذا ما تناولته في العديد من المقالات، كان آخرها أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في إحياء المبادرات، وألقيت الضوء على مبادرة "بالمصري" والتي تستهدف الترويج للصادرات المصرية من خلال الجاليات في مختلف دول العالم.

إلا أنه بعد نشر المقال، وجه لي انتقاد بأنني قد اختزلت أهداف المبادرات في نوع واحد فقط وهو المبادرات الاقتصادية، وانصب اهتمامي على كيان مبادرة واحدة وهي مبادرة "بالمصري للترويج للصادرات المصرية".

لذا أتدارك هذا الموقف في هذا المقال، وذلك بإلقاء الضوء على عددٍ من المبادرات الفردية الناجحة في مجالات مختلفة بخلاف المجال الاقتصادي.

فظهر في الآونة الأخيرة عدد من المبادرات الاجتماعية، واستهدفت ضم عدد من الإعلاميين والمشاهير، وتوجيههم إلى عمل الخير في عدد من المحافظات، خاصةً محافظات الصعيد، من خلال زيارة الجمعيات الخيرية وملاجئ الأيتام في تلك المحافظات، كما حشدت الجهود لتقديم التبرعات إلى العديد من المستشفيات.

وفي مجال السياحة لفت انتباهي مبادرات مثمرة، استهدفت الترويج للمعالم السياحية المصرية من خلال مجموعة من الشباب المصري، وقيامهم بزيارات متكررة لمعالم مصر الأثرية والسياحية، وتسجيلهم لمقاطع مصورة عن تلك المناطق التي تنفرد بها مصر، وبثها عبر شبكة الإنترنت بهدف تشجيع السياحة الداخلية والخارجية.

وأثناء رحلة بحثي عن المبادرات المثمرة، علمت أن هناك مبادرات إنتاجية، تستهدف تدريب السيدات غير العاملات، والتي لا يوجد لديهن مورد رزق على الصناعات اليدوية وذلك مقابل مبالغ زهيدة، ومن خلال تبرعات وجهود أهل الخير، ولم تكتفِ تلك المبادرات بذلك، بل تساعدهن على الترويج لمنتجاتهن بشكل احترافي من خلال المعارض المتخصصة.

ولم تخلُ المبادرات الفردية من التوجهات الثقافية، فقد ذاع صيت مبادرة استهدفت التبرع بالكتب، والحث على القراءة بين مختلف فئات الشباب.

فيا لها من أهداف نبيلة لتلك المبادرات الفردية، إلا أنني تساءلت كيف سيكون الحال، إذا ما انتقلت تلك المبادرات من صفة الفردية لتتحول إلى مبادرات جماعية؟

بمعنى؛ أن تلك المبادرات في الوقت الراهن لا يوجد لها غطاء رسمي، أي أن قوتها ترتبط بقوة من أطلقوها، ومدى قدرتهم على الاستمرار في العطاء، دون أن يكون هناك ارتباط وثيق مع الجهود الحكومية، أو تنسيق للجهود.

فماذا لو تم إنشاء جهة حكومية تابعة لمجلس الوزراء أو الرئاسة ترعى تلك المبادرات، وتشرف على عملها وأدائها؟ وتسعى إلى إحداث نوع من التكامل بين تلك المبادرات.

وماذا لو عملت تلك الجهة على توحيد جهود تلك المبادرات لتخدم قضية معينة، ولتكن الترويج للمشروعات والمنتجات المصرية؟ كل مبادرة تسير في خطاها لكن مع التحديد لهدف أسمى يسعون إلى تحقيقه؟

وماذا لو تم استغلال تلك المبادرات في التواصل مع المواطنين بشكل أكبر، فتلك المبادرات تلقى قبولًا جماهيريًا لا يمكن إنكاره؟

وماذا لو تم تنظيم مؤتمر سنوي برعاية الحكومة؟، ويتم وضع خطة عمل سنوية لتلك المبادرات، أو أهداف محددة تعمل تلك المبادرات على تحقيقها، جنبًا إلى جنب مع الجهود الحكومية.

حتمًا إذا ما تم إنشاء هذا الكيان، فستكسب الحكومة ذراعًا إضافية، يمكن الاعتماد عليها في الوصول إلى مختلف طوائف الشعب، وستصبح المبادرات قوة يمكن الاعتماد عليها في عددٍ من الملفات التي قد لا تستطيع الجهود الحكومية بمفردها الخوض فيها.

وحتمًا ستكتسب الجهود الحكومية مصداقية أكبر، لأن جهودها ستصل إلى مختلف طوائف الشعب، من خلال مختلف الطوائف المشاركة في تلك المبادرات.

فلا أعني أن المبادرات الفردية ستفقد روحها أو الهدف من إطلاقها، لكن ما أعنيه أن تساعد تلك المبادرات على خدمة أهداف أكبر دون أن تفقد استقلاليتها، لتتمتع برعاية الحكومة، وفي ذات الوقت تساعد الحكومة في الوصول إلى أهدافها العامة، لتصبح المبادرات قوة إضافية يمكن للدولة أن تعتمد عليها بشكل فعال.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط