الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هم ونحن.. والفأل الحسن


في لندن وقبل العملية بساعتين، دخلت ممرضة تنسق الزهور في غرفة المريض، وبينما هي منهكة في تنسيق الزهور، سألت المريض: من طبيبك الذي سيجري لك العملية ؟، قال لها: جبسون، فقالت له: وهل رضي أن يعمل لك العملية؟، قال: طبعًا!، قالت له: معقول!، قال: لماذا؟، قالت: هذا الطبيب عمل عشرة آلاف عملية كلها ناجحة، وليس لديه أي وقت، كيف أعطاك موعد؟،فقال لها: على كل حال أنا على موعد معه، فقالت: ليس معقول إنه أفضل طبيب في العالم.

بعد هذا الحوار دخل المريض غرفة العمليات وتكللت العملية بنجاح، والآن المريض حي يرزق، فيما بعد اتضح ان هذه الممرضة كانت أخصائية نفسية وليست ممرضة، وظيفتها أن ترفع معنويات المرضى قبل العملية ولكن بشكل ذكي جدا، وهي تنسق الزهور، تسأل المريض من طبيبك، الخ، فيُسَر المريض أن هذا الطبيب أفضل طبيب في العالم، ولا يوجد عنده ولا خطأ طبي وترتفع معنوياته، وثبت علميا أنه كلما كانت معنوية المريض عالية زادت فرصة التغلب على المرض، ليس فقط التغلب على الأمراض بل كل مشاكل الحياة تتأثر ايجابا وسلبا بمستوى الروح المعنوية.

ذلك كان "بوست" التقطته من الفيس برسائله الهادفة الساعية لإضافة معلومة نافعة تفيد المتلقى والمشترك به، فليس كل ما ينشر ويعرض بالفيس ضار، ومستهجن، و"شمال"، كما يعتقد البعض من أعداء مواقع التواصل الاجتماعى.

والحق أننى أعجبت شديد الاعجاب بتلك القصة القصيرة التي تحوى مضمونا كبيرا لنفوسنا السوية، التي تحمل صحيح التفكير، ومستقيم الأخلاق، واعتدال الإتباع لمنهج وشرع ديننا، بتعاليم ربنا -سبحانه-، ونبينا ، ذلك أنها تعلمنا كيف أن الغرب بفكره المادى، ينزع الى روحانيات وسلوك إسلامنا الروحية، المتمثلة في إشاعة الفأل الحسن، وبث روح الأمل في نفوس أتباعه وغيرهم، وأنهم يحسنون الفأل والظن بالله، التي ينبغى على المسلمين أصلا أن يؤمنوا به، ويحافظوا عليه، لما يعطيه من دافع متنامى للعمل والتقدم إلى الأمام، ولما يكون للمتفائل من أمل يدفعه دفعا لمستقبله خير مشرق فى حاضره ومستقبله ، وبأن لديه من الأمل والبشر دافعا يعوض فيه ما فاته، و يتجاوز به المحن و العقبات، معلما إيانا جميعا أن الكلمة الحسنة الطيبة لها مفعول السحر الآسر للنفوس والعقول، لذا كان رسول الله فخر الكون يتفاءل ولا يتطير، ويعجبه الاسم الحسن، وكان يقول: "يعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة"، ولما رأى حبيبنا وقدوتنا سهيل بن عمرو جاء مفاوضا المسلمين في صلح الحديبية، قَال لأصحابه: "سهل لكم من أمركم".

ولهذا قال البغوي في شرح السنة: "وإنما أحب الفأل لأن فيه رجاء الخير والفائدة، ورجاء الخير أحسن بالإنسان من اليأس وقطع الرجاء عن الخير"، والماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين : "الفأل فيه تقوية للعزم، وباعث على الجد، ومعونة على الظفر، فقد تفاءل رسول الله في غزواته وحروبه ، "والمراد بالتفاؤل انشراح قلب المؤمن، وإحسانه الظن، وتوقع الخير".

وكان يقول مقررا : "إِن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله، كما كان من هديه حب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ؛ قال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري:" قيل: لأنه كان يحب الفأل الحسن؛ إذ أصحاب اليمين أهل الجنة"، ويقول ابن الأثير في مؤلفه "النهاية في غريب الحديث": "التفاؤل مثل أن يكون رجل مريض فيتفاءل بما يسمع من كلام فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طلب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته".

في الولايات المتحدة الامريكية أجريت تجربة شهيرة، حيث قام مجموعة من الباحثين في تخيير أطفال في سن الرابعة بين أخذ قطعة من الحلوى فورا، أو أخذ قطعتين بعد فترة قصيرة، فاختارت مجموعة من الأطفال أخذ قطعة الحلوى فورا، واختارت مجموعة أخرى أخذ قطعتين فيما بعد، وعندما عاد الباحثون إلى هؤلاء الأطفال بعد أن صاروا كبارا وجدوا أن نسبة الذين يشعرون بالسعادة منهم أكبر في المجموعة التي اختار فيها الأطفال أخذ قطعتين فيما بعد، وأن هؤلاء أكثر نجاحا واستقرارا، وتوصل الباحثون بعد هذه التجربة إلى الحقيقة العلمية التالية: إن قوة الإرادة والقدرة على التحكم في النفس يؤديان إلى السعادة والنجاح في الحياة.

ولتقوية إرادتنا وقوة فألِنا، تعطينا دورات التنمية البشرية الخاصة بتربية فن الإرادة والأمل في نفوسنا، "روشتة" العلاج في أنه لابد لنا أن نكون معطائين، محبين للغير، لدينا طاقة قوية تحفز أراوحنا دائما، حينها تتكون لدينا طاقة إيجابية، ولا تصاب أرواحنا بالخمول والفتور، وتستمر قدما في السير ولا تتراجع بسهولة وتصبح ذو إرادة عظيمة، وأن نقرر داخل أنفسنا بأننا إناس أقوياء وأننا سنصل لما نريد، ولن يعيقنا عائق، ولن يثنينا ألم، ولن يثبط من عزيمتنا شئ أو مخلوق

ولله دره القائل:

يا صاحب الهمِّ إنَّ الهم منفرجٌ أبشِر بخيرٍ فإنَّ الفــارج الله

اليأس يقطع أحيانًا بصاحبـه لا تيأسنَّ فإنَّ الكافـــي الله

الله يُحدِث بعد العسر ميسـرة لا تجزعنَّ فإن القاســـم الله

إذا بُليت فثِقْ بالله وارضَ بـه إنَّ الذي يكشف البلوى هو الله

واللهِ ما لكَ غير الله من أحـدٍ فحسبُــك الله في كـلٍ لك الله

وحسن الختام كلام نبينا الداعى الى حسن ظننا بربنا الرؤوف الرحيم في قوله: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن باللَّه عز وجل".. رزقنا الله وإياكم حسن الظن به تعالى، في الفردوس الأعلى، وشرف النظر لوجهه الكريم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط