خالد العيسوي يكتب: وللشموخ عنوان

لحظة من فضلك.. منذ نعومة أظافري وأنا أنحني لقواتنا المسلحة، وتمنيت دوما أن أكون من أبنائها، ورغم بلوغي سن الأربعين إلا أنني مازلت مؤمنا بهذه الأمنية، ولعل تحقيقها يأتي يوما في أحد أبنائي، أو حتي أصدقائي.
وقد تحقق الحلم ورأيت هذه الأمنية تتحقق أمامي في شاب من شباب مصر المخلصين، والذي قابلته قبل أكثر من 5 سنوات، وكان حلمه أن يدخل إحدى الكليات العسكرية، ولكنه وقتها كان يشعر بأن حلمه لن يتحقق لأنه من أبناء شمال سيناء، والحمد الله وبعد أن تحقق إيمان الدولة مؤخرا بأنه ليس من أمين على أرض سيناء أكثر من أبنائها، فبدأت في تحقيق حلم عشرات الشباب من أبناء هذه المحافظة الغالية ودخل أغلبهم ما بين قوات الجيش أو الشرطة، ففي الندوة الثقافية الأخيرة والتي كانت بمناسبة عيد تحرير سيناء، كان نصيب الأسد للحديث عن أرض الفيروز، هم أبناء سيناء من المجاهدين الذين ساعدوا الجيش إبان الاحتلال الإسرائيلي، أو حتي أحفاد هولاء، إلى أن جاء الدور على درة أبناء سيناء من النساء.
السيدة سلوى الهرش حفيدة سالم الهرش، شيخ مشايخ سيناء، صاحب أقوى وأهم مؤتمر صحفي في تاريخ الإنسانية، وصاحب أقوى رد فعل عكسي لإسرائيل في التاريخ، الذي وضع حياته في كفة ومصرية سيناء في كفة أخرى، وكان رده أمام العالم بعد أن حاولت إسرائيل إقناع العالم بأن سيناء إسرائيلية، حينما قال: "سيناء مصرية ومحتلة من قبل إسرائيل"، وهنا كانت وقفته مع التاريخ، ليعاود التاريخ نفسه ويقف مرة أخرى مع حفيده الطالب مقاتل محمد محمود محمود، ابن سلوى الهرش وحفيد سالم الهرش.
حينما كانت تتحدث والدته أمام الرئيس السيسي عن دور جدها وأنها أيضا بفضل الله أورثت هذا الدور إلى ابنها محمد، ليقاطعها الرئيس السيسي ويقول: "هو محمد موجود هنا"، ليقف محمد مؤديا التحية العسكرية أمام العالم للرئيس السيسي كأحد رجال القوات المسلحة، ولكن للوقفة هنا قصة وحكاية، فمن رأى محمد واقفا يؤدي التحية العسكرية أمام الرئيس، عليه أن يقف مع التاريخ، فهي لحظة لكتابة تاريخ جديد لقبيلة الهرش.
نعم، لقد كانت وقفة محمد وابتسامته المعبرة عن الفرحة، وثقته في نفسه وفيما يرتدي من زي عسكري، تقول إن للشموخ عنوان، إنه القوات المسلحة المصرية، لقد كان محمد واقفا شامخا وهو ما تعلمه في مدرسة الوطنية والإخلاص لهذا الوطن، عبر محمد في وقفته وبدون ترتيب عن حقيقة هذه المؤسسة التي تتمتع بالانضباط والوطنية والإخلاص، والثقة اللامحدودة، فقد هز قلوب كل من شاهد هذه اللقطة، وأرسل الرسالة بأن هناك رجالا مازالوا في مصنع الرجال، يؤكدون العزم والتحدي والإصرار على القضاء على الإرهاب.
وأكد محمد أنه لا خوف على مصر، فكيف نخاف ولدينا أمثال محمد، وهم كثر سواء في الحيش أو الشرطة وأنا على ثقة من ذلك، فهؤلاء الشباب هم خير أجناد الأرض وهم أصحاب العهد والوعد بأن يكونوا فداءً لمصر وشعبها، ويجب أن يكون محمد وغيره من زملائه نموذجا يحتذى به أمام الشباب ويكون رسولا لهذه المؤسسة في الجامعات والمدارس، لنغرس في أبنائنا حب الوطن والإخلاص له، وكذلك تأكيدا بأن جيش مصر في رباط إلى يوم الدين.
فتحية لمحمد وغيره من أبناء القوات المسلحة والشرطة، والذين أعتقد أنهم يتمنون أن يكونوا مكان محمد ليرسلوا هذه الرسالة للعالم، وأنا على يقين أن تأكيدات الرئيس السيسي دائما بأن مصر لديها درع وسيف، هي قناعته الكبيرة بمن هم أمثال محمد في قطاعات الجيش والشرطة، وأتمنى أن تعطي الدولة الفرصة أكثر لكل أبناء وشباب مصر في مختلف القطاعات ليؤكدوا أنهم أيضا قادرون على أن يكونوا درع وسيف هذه الدولة وهذا الشعب في المجالات كافة، ومصر قادرة على ذلك.
وفي النهاية، حمى الله مصر، وجيشها، وشرطتها، ومن أهم أمثال محمد حفيد سالم الهرش، وأتمنى أن يكون أحد أبنائي منهم، لنرسل رسالة الشموخ دائما إلى العالم، ومع شموخ جديد نتحدث.