الإعلام الفلسطينية: السلام على الطريقة الأمريكية سيولد ميتا
قالت وزارة الإعلام الفلسطينية إن إصرار جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي، على عزل الحل السياسي والادعاء بأن هناك خطة اقتصادية يعمل عليها وأنها يمكن أن تظهر كجزء من صفقة، يبرهن أن "السلام على الطريقة الأمريكية" سيولد ميتا، وسيلحق بخطط الإدارات السابقة، التي تجاهلت الحقوق الفلسطينية.
وأوضحت وزارة الإعلام - في بيان اليوم، الأحد- أنها تابعت حوار كوشنر مع صحيفة "القدس" الذي نشر اليوم، وواكبت ما اشتمل عليه من مواقف ورسائل وانحياز وتحريض وخلط للأوراق، وتفند في هذا الرد ما ورد في المقابلة.
وأكدت الوزارة أن واشنطن، أولا، ليست هي الوسيط النزيه أو المقبول، فمنذ انقلابها على القانون الدولي، وانحيازها المطلق للاحتلال بإعلان القدس عاصمة له، ونقل سفارتها إليها، واستخدامها المفرط لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي دفاعا عن الاحتلال وعدوانه على شعبنا، لم يعد كوشنر أو غيره من فريق البيت الأبيض المؤهل للحديث عن "مواصفات" السلام، أو وضع شروطه لمقاييسه، وبإمكانه فقط التوقف عند الصورة التي تفاخر سفيره ديفيد فريدمان برفعها، وتظهر هدم قبة الصخرة وإقامة الهيكل المزعوم.
وأضافت: "ولعل موقف القادة العرب الذين التقى بهم المستشار الأمريكي، وأوضحوا أنهم يريدون رؤية دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، واتفاقا يمكن الشعب الفلسطيني أن يعيش بسلام، وأن تتاح له نفس الفرص الاقتصادية التي يتمتع بها مواطنو بلدانهم، وأن يروا صفقة تحترم كرامة الفلسطينيين وتضع حلا واقعيا للقضايا التي تمت مناقشتها منذ عقود يقدم رسالة لواشنطن بأن الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية هي الأساس لأي اتفاق عادل".
ولفتت الوزارة إلى أن إصرار فريق ترامب استخدام "صفقة سلام" كبديل للحل العادل، وتطبيق القانون والشرعية الدولية، يثبت أن هذه الإدارة تمعن في رفض السلام العادل والمتوازن، الذي وضعت أسسه قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة منذ عام 1947، وأكدت عليه عام 1967، وأعاده الإجماع العالمي، بما فيه موقف إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الرافض للاحتلال والاستيطان، بموجب قرار مجلس الأمن (2334) عام 2016، وقبيل استلام الرئيس ترامب مقاليد الحكم.
ونبهت الوزارة إلى أن تأكيد المستشار بأن "أمر الصفقة سيكون متروكا للقيادة والشعب من كلا الطرفين لتحديد ما هو مقبول كحل وسط مقابل مكاسب كبيرة يتجاهل الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي الواضح كالشمس، من أن لا مساس بالحقوق المشروعة،
وبالثوابت، وكان عليه اختصار وقته".
واستطردت" "لقد سعى كوشنر، إلى تصوير قضيتنا السياسية على أنها "مطلبية" و"اقتصادية" و"إغاثية"، حين ادعى أن الشعب الفلسطيني أقل اكتراثا في نقاط الحوار بين السياسيين وأكثر اهتماما ليرى كيف ستوفر هذه الصفقة له وللأجيال المستقبلية فرصا جديدة، والمزيد من الوظائف ذات الأجور الأفضل وآفاق الوصول إلى حياة أفضل." و"سيعجب بها الشعب الفلسطيني لأنها ستؤدي إلى فرص جديدة له ليحقق حياة أفضل بكثير".
وأوضحت أن رجل الأعمال والمستثمر وحديث العهد بالسياسة كوشنر، يواصل التعبير عن أوهامه، فيقول: "إذا كان الرئيس عباس مستعدا للعودة إلى الطاولة، فنحن مستعدون للمشاركة في النقاش، وإذا لم يكن كذلك الأمر، فإننا سنقوم بنشر الخطة علانية".
ويتناسى حقيقة أن العالم كله وقف ضد قرارات الإدارة الأمريكية التي لا تكتفي بدعم الاحتلال وحمايته في مجلس الأمن، بل تنصب نفسها "محامي الدفاع" عنه، وتنسحب لأجله من مجلس حقوق الإنسان، وتسعى لشطب وكالة (الأنروا)، ولا تترك فرصة إلا وتدعم خلالها العنصرية والتحريض.
ووصفت وزارة الإعلام الفلسطينية كوشنر بأنه يفصل مواقف تناسب مقاس إدارته، فيدعى أن "المجتمع العالمي يشعر بالإحباط من القيادة الفلسطينية ولا يرى الكثير من الأعمال البناءة لتحقيق السلام"، وردت قائلة: "لا ندري عن أي مجتمع دولي يتحدث، وهل هو المجتمع نفسه الذي يدعم حقوقنا المشروعة، ويصوت ضد الاحتلال في المحافل الدولية، ويقاطع الاحتلال والاستيطان؟ أم هو مجتمع الدول المجهرية: مكرونيزيا، وبالاو، وناورو، وجزر المارشال، التي تناصر واشنطن في انتهاك القانون الدولي، والتنكر لحقوقنا؟".
وأشارت إلى أن كوشنر كرر لاحقا تباكيه على غزة، والحديث عن اقتصادها، وتجارتها، ورواتبها، ويتناسى جرائم الاحتلال المتواصلة ضد أهلها، ولا يعنيه الحصار الإسرائيلي الظالم المتواصل منذ 12 عاما، أو اعتراض واشنطن على التحقيق في قتل وجرح الآلاف في مسيرات سلمية، وإحباط توفير الحماية الدولية.
وقالت الوزارة إن المستشار كوشنر يقول: "رأيت الكثير من الأمثلة عن الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يتواصلون مع بعضهم البعض ويحاولون صياغة روابط لمحاولة التغلب على عملية سياسية فاشلة"، مستدركة: "لكن عينه الثاقبة لا ترى الاحتلال، والاستيطان، والجرائم اليومية بحق الأطفال والنساء، والقوانين العنصرية، وهدم البيوت والمدارس، والحواجز، وجدار الفصل العنصري، وتشريد المواطنين، وقتل الصحفيين والمسعفين، بل تواصل الدفاع المستميت عن إسرائيل، وتشطب كلمة "الأراضي المحتلة" من قاموس وزارة خارجيتها، في تقريرها السنوي عن "حقوق الإنسان"!
وذكرت أن كوشنر أنهى حواره بالتحريض ضد القيادة الفلسطينية وتسطيح القضية، والتحايل على القانون الدولي، والدعوة إلى التطبيع، فيقول في رسالته إلى الفلسطينيين: "أظهروا لقيادتكم أنكم تدعمون الجهود لتحقيق السلام. دعوهم يعلمون بأولوياتكم وامنحوهم الشجاعة للحفاظ على عقل منفتح نحو تحقيقها. لا تدعو قيادتكم ترفض خطة لم ترها بعد، لا تسمحوا لصراع أجدادكم بتحديد مستقبل أطفالكم. وحلمي أن يكون كلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني أقرب الحلفاء في مكافحة الإرهاب، والإنجاز الاقتصادي، والتقدم في العلوم والتكنولوجيا".
وشددت الوزارة على أن تحريض المستشار كوشنر في حواره عبر وسيلة إعلام تحمل اسم "القدس"، العاصمة الأبدية للدولة المستقلة، التي قررت واشنطن "منحها" لإسرائيل كـ "هبة"، يأتي في سياق نهج أمريكي يستهدف القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ويطال الرئيس محمود عباس، ولا ينعزل عن مساعي الالتفاف على منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والتحايل على القانون الدولي لتمرير "صفقة القرن"، التي لن يكتب لها النور.
وختمت الوزارة قائلة إنه كان بوسع كوشنر أن يوفر "نصائحه" و"بلاغته"، ويختصر وقته، وينصح رئيسه وإدارة البيت الأبيض، بأن الحل الأسهل والأسرع يتلخص في: القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال، والدفاع عن قيم الحرية.