الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحج عرفة


في هذه الأيام المباركة كلنا يتحدث عن الكعبة وزيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، التي هي ركن أساسي من أركان الإسلام، لمن استطاع إليه سبيلا.. نتحدث عن الحجر الأسود ومُقام إبراهيم وجبل عرفات، لكن ربما البعض منا لا يعرف معلومات كافية عن عرفات.

صعيد "عرفات"، حيث يجتمع الحجاج القادمون من كل بقاع الدنيا على صعيد واحد في مكان واحد وزمان واحد وبلباس واحد يوم التاسع من شهر ذي الحجة، رافعين أياديهم بالتضرع إلى الله طلبًا للمغفرة والرحمة، فيُصّلون الظهر والعصر قصرًا وجمعًا بأذان واحد وإقامتين ويدعون بما تيسر لهم، ثم يبقون هناك إلى غروب الشمس.

"عرفة" أو "عرفات".. هو مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى جبل "الرحمة" الذي يصل طوله إلى 300 متر.

يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي "عرنة"، ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو 22 كيلومترًا، وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى، و6 كيلومترات من المزدلفة.

ليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية.

يوجد بـ"عرفة" جبلها المشهور (جبل الرحمة)، وهو أكمة صغيرة شبيهة بالبرث يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف وليس الوقوف على الجبل خاصة من واجبات الحج، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقفت ها هنا بعرفة وعرفة كلها موقف".

وليوم عرفة فضل عظيم، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله تعالى.

عندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة "نَمرة".. و"نمرة" هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا، جمع تقديم، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.

وفي أول عهد الخلافة العباسية، في منتصف القرن الثاني الهجري، بُني مسجد في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد "نَمِرَة". توالت بعدها توسعاته على مر التاريخ وصولًا للوقت الحالي، فأصبحت مساحته 124 ألف متر مربع. مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية، حيث يتسع لأكثر من 300 ألف من المصلين.

ويأتي الحجاج يوم عرفة إلى مسجد "نمرة" ليستمعوا إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلوا الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعوا بالدعاء والتضرع ومسألة الله تعالى حتى غروب الشمس.

أما وادي "عرنة"، فهو من أودية مكة المكرمة والجزء المقدم من مسجد "نمرة" يقع في هذا الوادي وهو خارج عن عرفات وداخل في الحل وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم.

وفي عرفات مسجد "الصخرات"، وهو أسفل جبل "الرحمة" عـلى يمين الصاعد إليه، وهو مرتفع قليلًا عن الأرض يحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وهو على ناقته.

أحيط هذا الموقف بجدار طوله من جهة القبلة 13.3 متر، والجدار الذي على يمينه ويساره 8 أمتار، أما الجدار المقابل للقبلة فدائري غير مستقيم.

وقيل إن عرفة سمي بذلك لأن الناس يتعارفون فيه، أو لأن أمين الوحي جبريل طاف بإبراهيم عليه السلام وكان يريه المشاهد فيقول له "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، أو لأن آدم وحواء عندما هبطا من الجنة التقيا فعرفها وعرفته في هذا المكان.

سُمِّي عرفة بهذا الإسم؛ لأنَّ النَّاس يتعارفون فيه، وقيل أيضًا أنه سُمي بذلك لأن الناس يعترفون بذُنوبهم عِنده، وقيل: بل سُمي بالصبر على ما يُكابِدُون في الوصول إليه، لأن العُرف الصبر.

وَقد عُرف جَبل عَرفة باسم عَرفات، حيث قَد وردَ في النص القُرآني ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ﴾. وَكلمة عَرفات ليست جَمْعَ عَرَفَة -كما يظن البعض- إنما هو مُفرد على صِيغة جَمْع، وله نظائرُ في لُغة العَرب، وهي فسيحٌ مِن الأرض محاطٌ بِقَوْسٍ مِن الجِبال يكون وَتَرُه وادي عُرَنة.

وَيُطلق على عرفة أسماء أخرى منها: جَبل الرَحمة، القرين، النابت و جبل الآل.

ويعد الوقوف بعرفة أهم مناسك الحج كما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "الحجُ عرفة".. وقد جاء ذكر عرفات في قول الله عز وجل في القرآن الكريم "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط