الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إِلى وزيرِ التعليمْ: رسالةٌ منْ أبٍ قَلِقْ !!


تظلُ المسافةُ بينَ النظرية والتطبيق هاجسًا يؤرقُ العلماءَ والخبراءَ في شتى مجالات العلوم، حيث تغدو الإشكالية الكبرى: كيف يمكن اختزال تلك المسافة، حتى لا تتجافى "النظرية" عن الواقع، فتغدو مُعَلقة في الهواء، كأسطورةٍ من الخيال، غير قابلة للتطبيق أو التصديق.

معالي الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.

بعدَ التحية، أرجو أن تتقبلَ بصدرٍ رحبْ، سطور هذه الرسالة، من أبٍ لا يملكُ إخفاءَ شعوره بالقلق، وهو على وشكِ أن يصطحب أبناءه إلى المدرسة صبيحة يوم 22 سبتمبر المقبل، ليتركهم في مواجهةِ تجربةٍ جديدةٍ، تتمثل في نظامٍ حديثٍ للتعليم قبل الجامعي، يبدأ من حيث ينتظمون في مرحلةِ رياضِ الأطفال والصف الأول الابتدائي، ويفرضُ تأثيراته بلا شك، وبصورة مباشرة، على تشكيلُ جوهرهم، وبناء قدراتهم، ورعاية طاقاتهم، وتحفيز مكامن الإبداع لديهم.

ولعلكم تغفرون لي هذا الشعور بالقلقِ، إذا علمتم أن شعورًا آخر بالحماس يزاحمه في داخلي، حيث أرى أن هذه التجربةُ العصريةُ قد اختارت البداية المناسبة، فالبراعمُ هم التربةُ الأخصبْ لغرس بذورٍ صالحةٍ لجيلٍ جديد، ينمو في أرض بلادنا الطيبة، وينهلُ العلمَ وفق أحدثِ النظم التعليمية والتربوية والتوعوية، ليُغدو هذا الجيلُ خلال سنوات قليلة، دماءً نشطةً تُضخُ في شرايين الوطن، تعوضُ التأخر منذ عقود، وتستكملُ مسيرة البناء والتنمية، وتضيء في أعيننا الأمل تجاه المستقبل.

كما لا ينالُ القلق من قناعتي أن هذه التجربةُ الجديدة، فريدةُ في رسالتها التي تؤكدون سيادتكم أنها تهدف إلى إعداد وتخريج "طالب" مبدع مبتكر، يتمتع بمهارات متميزة، ولديه قدرة على المنافسة، و"معلمٌ" مدَربٌ على أساليبَ تربويةٍ واستراتيجيات تعليمية مبتكرة، هذه الرسالة التي تتحقق وفقَ رؤيتكم من خلالِ مناهجَ جديدة، وطرق تدريس عصرية، وأساليب تعليمية حديثة، وتجهيزات متطورة للفصول المدرسية بما يتفق مع استراتيجيات التعليم النشط والرقمي.

ففي واقع الأمر، سأصطحب أبنائي السبت المقبل إلى المدرسة، وكُلي ثقة فـي "النظرية" التي ينشُدها النظام التعليمي الجديد، والتي تبدو إيجابيةً تلبي متطلبات المستقبل، وإن كنت أشعرُ بالقلق من "التطبيق" باعتباره المحكُ الرئيسي لنجاح أية نظرية.

لذا أخاطبكم باعتباركم تربويًا ذو باعٍ طويلْ من الاسهامات في هذا المجال، يتحملَ إرثًا ثقيلًا لنظامٍ تعليمي توقفَ منذُ عقودٍ عن مجاراةِ خطواتِ العالمِ المتسارعةِ نحوَ النهوض بالتعليم والارتقاء بمخرجاته، وأتطلع إلى بث شعورٍ بالاطمئنان من جانب سيادتكم، لدى أولياء الأمور، من خلال المضي في تطبيق النظام التعليمي الجديد خطوة بخطوة، ودون تسرع، مع المتابعة الدقيقة لكافة الخطوات المتعلقة به، وذلك بهدفِ قياس النتائج وتقييم الأثر على الطلاب به إيجابًا أو سلبًا، وفق أدوات قياسٍ واضحة، لتداركِ أيةِ آثارٍ سلبية قد تُفرزها عمليةُ "التطبيق"، فنحو 2.5 مليون طالب يخضعون للنظام التعليمي العصري الجديد، يستحقون من سيادتكم التعامل معهم من منطلق مسئولية "الوزير"، وليس كبرياء "المُفكر" الذي يرى رؤيته صوابًا مهما كشفَ الواقع من تحديات.

خالص مودتي وتقديري،،،
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط