الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ربوا عيالكم !


جذور التربية مريرة لكن ثمارها حلوة …مقولة استوقفتني كثيرا فبالرغم مما كنا نسمعه من آبائنا وأمهاتنا ونحن فى بداية الشباب عن مدى معاناتهم معنا فى التربية وكيف ضحوا بالكثير من جهدهم وراحة بالهم وصحتهم وأموالهم فى سبيل تربيتنا أفضل تربية لم نكن نشعر بالامر وكان هذا الكلام يمر على مسامعنا كمرور الكرام ولا نلقى له بالا. 

ولكن بعد ان نتزوج ونرزق بأطفال نبدأ فى الشعور بكل مراحل المعاناة التى عناها اباؤنا دون ان نشعر ولسان حالنا بعد كل موقف يتساءل كيف تحملوا كل سذاجتنا و سخافاتنا المتلاحقة دون ملل .

ولكن بالرغم مما عانى منه آباؤنا فى تربيتنا والتى اكن لها كل التقدير والاحترام الا اننى أشفق على جيل السبعينات والذى فى الغالب لديه أبناء فى سن المراهقة سواء كانوا فتيات او شباب مما يسمى بالتكنولوجيا الحديثة وتحديدا التليفون المحمول القنبلة الموقوتة الكامنة فى يد كل شاب وفتاة داخل كافة البيوت المصرية وكأنه عضو أصيل من الجسد وأصبح إدمانا من نوع جديد. 

للأسف الشديد التليفون المحمول افقد الآباء والأمهات من جيل السبعينات جزءا كبيرا من قدرتهم على تربية أبنائهم بالطريقة التى تربوا بها والتى اعتبرها من أسلم وافضل الطرق السليمة لتكوين شخص متزن لأننا بمنتهى البساطة كنا نقيم حوارا كاملا مع آبائنا او نقرأ كتبا في حال احتياجنا لمعرفة أمر ما تتفتح من خلاله أرواحنا وعقولنا ونجد إجابات لكل ما يشغلنا فى هذه السن الخطرة فلم يكن لدينا وسائل الترفيه التكنولوجية مثل التى فى يد أبنائنا الآن فكانت الرقابة علينا أسهل بكثير وكانت الأم هى الصديق الصدوق لنا ومكمن سرنا ولكن الآن وعن تجربة شخصية معى ومع ابناء كل صديقاتى اصبح الموبايل هو الصديق الأوحد لأبنائنا وكاتم أسرارهم اللعين الذي يلتجئون إليه دائما فى كافة احتياجاتهم حتى فى اختيارهم لصديق فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى بوابة ملكية لاقامة علاقات صداقة بين الشباب وبعضهم دون معرفة اى منهما الآخر او ما هى ميوله او معتقداته عالم مفتوح لهم ولا يمكننا اختراقه واذا قرر أحدنا أن يتجرأ ويسأل أحد أبنائه مع من يتحدث او طلب منه أن يريه تليفونه ينفعل الشاب المراهق أو الفتاة رافضين باعتبار أن هذا الفعل جرم واختراق لخصوصياتهم. 

ولكن إذا كنا نريد الحق فالجرم الحقيقى هو ما فعلناه نحن فى أبنائنا دون أن نقصد وإعطائهم هذه الآلة المسمومة التى تؤثر على تكوينهم النفسى والاجتماعي دون أن نشعر بدلا من إعطائهم جزءا من وقتنا وفرحنا بقدرتهم الفائقة فى استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل بمنتهى المهارة منذ نعومة أظفارهم بل ونتبارى فى شراء أحدث الأجهزة لهم حتى لا يكونوا أقل من قرنائهم دون ان ندرك فداحة ما كنا نفعله فكلنا انصرف عن فلذات أكباده سعيدا تارة بمهارة ابنه باستخدام احدث انواع التليفونات او مشغولا تارة أخرى فى توفير ما يحتاج من أموال فقط غافلين انهم فى أمس الحاجة للشعور بسعادتنا ونحن نتحدث معهم عن مشاكلهم التى قد تبدو لنا تافهة ولكن بالنسبة لهم نهاية الكون. 

ولذا وباعتبارى أما مصرية ومن منطلق ايمانى بأن ما نكتسبه ونحن فى أحضان أمهاتنا لا يمحى ابدا اتخذت قرارا أرجو أن تساندونى عليه وان نحاول جاهدين تحقيقه معا وهو انتزاع التليفون المحمول من يد ابنائى.

والقيام بدوره على اكمل وجه بان اكون صديقة بديلة ومسلية لابنائى مؤقتا إلى أن استعيد مكانتى الطبيعية كصديقة أساسية فى حياتهم.  

فالتربية مريرة ومسئولية كبيرة جدا ولكن فى المقابل تتحقق بأبسط المشاعر بالحب والألفة ….فهيا معا نربى عيالنا بعيدا عن مرارة التليفون المحمول حتى نشعر بحلاوة ثمار تربيتنا
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط