الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصخرة !


يُحكى فى الأساطير الصينية  أن أحد الحكام فى الصين وضع صخرة كبيرة على أحد الطرق الرئيسية فأغلقها تمامًا ووضع حارسًا ليراقبها من خلف شجرة ليخبره برد فعل الناس، مر أول شخص وكان تاجرًا كبيرًا في البلدة فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقدًا من وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم.

دار هذا التاجر من حول الصخرة رافعًا صوته قائلًا:  "سوف أذهب لأشكو هذا الأمر سوف نعاقب من وضعها"، ثم مر شخص آخر وكان يعمل في البناء فقام بما فعله التاجر لكن صوته كان أقل علوًا؛ لأنه أقل شأنًا في البلاد
ثم مر ثلاثة أصدقاء معًا من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة وقفوا إلى جانب الصخرة وسخروا من وضع بلادهم ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي ثم انصرفوا إلى بيوتهم.

مر يومان حتى جاء شابا فقير مارا بالصخرة لم يتكلم بل بادر إليها مشمرًا عن ساعديه محاولًا دفعها طالبًا المساعدة ممن يمر فتشجع آخرون وساعدوه فدفعوا الصخرة حتى أبعدوها عن الطريق.

وبعد أن أزاح الصخرة وجد صندوقًا حفر له مساحة تحت الأرض، في هذا الصندوق كانت هناك ورقة فيها قطع من ذهب. 

ورسالة مكتوب فيها: "من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة للإنسان الإيجابي المبادر لحل المشكلة بدلًا من الشكوى منها". 

إلى هنا وانتهت القصة واستفاد منها من استفاد فى وقتها وزمانها فهذه القصة التى رويت فى الأساطير الصينية وظل يرددها أبناء هذا الشعب المنتج العملاق لم تكن مجرد حكاية لأطفال تروى قبل النوم ولكن كان لها تأثيرٌ على شعب قرر رغم ظروفه القاسية وعدد سكانه المهول أن يكون أحد أكبر الدول الصناعية التى أصبحت تخشاه دولة مثل أمريكا وجعل دولة مثل اليابان تنقل معظم مصانعها العملاقة على أرضه وذلك بالإنتاج والعمل وتغيير الظروف بدلا من الشكوى منها ليصبح فى كل بيت صينى مصنع ينتج ويصدر للعالم. 

هذه القصة عندما قرأتها وجدتها تتطابق معنا كثيرًا وقفز إلى ذهنى مباشرة مع كل فعل قام به شخص من أبطال الحدوتة أشخاص حقيقيون يعيشون بيننا الآن. حزنت لأن معظمهم سلبي ولكن طلت على وجهى ابتسامة أمل عندما وصلت لنهاية القصة ووجدت أن هناك أشخاصا فى بلدى إيجابيون وقادرون على إزالة الصخرة التى تعوق الطريق أمام المارة. 

فالصخرة التى تعوق الطريق من وجهة نظرى وتجعل معظمنا ناقم على الوضع هى ظروفنا المادية التى نحاول جميعا أن نتغلب عليها لمواجهة أعباء الحياة والإحساس بالذات وتحقيق كافة مظاهر الحياة اللائقة وهذا حق مشروع للجميع وتوفير فرص عمل جيدة لتحقيق ذلك ولكن لدينا حالة استثنائية تمر بها الدولة الآن بعد فترة عصيبة مرت عليها فى يناير ٢٠١١ وفترة سنتين من اصعب ما يكون استنزفت الكثير والكثير من موارد الدولة ثم اتت قيادة سياسية جديدة قررت ان تتعامل مع الموقف بمنتهى الحزم واتخذت قرارات قاسية جدا على الشعب ولكنها ضرورية وحتمية لاستمرار البلد أثرت علينا كثيرا وعانى منها اصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة اشد معاناة وأثرت على توفير فرص عمل للشباب فى الجهاز الإدارى للدولة الذى يظل حتى الآن فى اعتقاد الكثيرين من الشعب المصرى الأمان والاستقرار وذلك من منطلق …" ان فاتك الميرى اتمرمغ فى ترابه " وهى وحكمة مصرية قديمة لا تتناسب مطلقا مع الوقت الحالى فقد أصبح الجهاز الإدارى مضخم بالبطالة المقنعة التى لا تحتاجها الدولة ..وفى ذات الوقت تسعى هذه البطالة بالمطالبة دائما بتعيين أبنائها بعد الانتهاء من دراستهم فى نفس مؤسساتهم دون حاجة المؤسسات لذلك لينضم هؤلاء الشباب لطابور البطالة المقنعة الذى يزداد طولا يوما تلو الاخر و يا ليت هؤلاء الأشخاص يرضون بما قاموا به من فعل فى هدوء ولكن لماذا لا يلعنون الظروف ويشتكون طوال الوقت من ضيق ذات اليد وانهيار امال أبنائهم الشباب فى توفير سكن لحياة أسرية جديدة بسبب عدم قدرتهم تدبير نفقات هذا الزواج بملاليم الحكومة على حد قولهم ويظلون يلعنون فى الصخرة ومن وضعها بدلا من أن يفكرون فى ازاحتها بتشجيع أبنائهم من الشباب بعدم النظر إلى الوظيفة الميرى التى لم تعد هدفا وتبحث فى قدراتهم ومواهبهم وتشجع أفكارهم للاتجاه إلى العمل الحر بإقامة اى مشروع صغير دون خوف او تردد خاصة وأن الدولة تهتم بهذه المشروعات وتقدم لها كافة الدعم المطلوب من تمويل ودراسات جدوى وتدريب لتشجيع الشباب على اقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لما لها من اهمية قصوى فى النهوض بالاقتصاد القومى للبلد حيث تسهم هذه المشروعات باكثر من ٧٠ % فى إجمالى الناتج المحلى للدول الناشئة وتوفير ٤فرص عمل لكل ٥ فرص متاحة.

فالأمر مع قليل من التفكير والاستفادة من خبرات آخرين لم يعد صعبًا خاصة وأن هناك نماذج لمشروعات كثيرة للشباب ناجحة وأصبحت مؤثرة وحققت لأصحابها من الشباب ملايين ...فلماذا لا نحاول إزاحة الصخرة حتى نجد المكافأة التى يستحقها كل شخص ايجابى لم يلعن الظروف .



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط