الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مطبخ أمي..


تمت دعوتي الأسبوع الماضي لوليمة في بيت أحد الأصدقاء، حيث قمت بزيارته لأبارك على إنتقاله لبيته الجديد الأوسع (في عدد الأمتار)، وقد أصطحبني في بداية الزيارة للفُرْجَة على البيت، وشاهدت جميع أركانه، إلا أنني توقفت معه لفترة ليست بالقصيرة داخل المطبخ، ذلك المطبخ الفسيح مترامي الأركان، والمكتظ بأجهزة كثيرة ظل يعرضها لي واحدا تلو الآخر، هذا هو البوتاجاز الضخم ذو الشعلاتالخمس مع فرن مزود بشواية من أعلى ومروحتين ونور داخلي، وبجواره فرن آخر معلق على الحائط وجريل مزود بشفاط وثلاجة ببابين وديب فريزر ثمان أدوار وميكروويف وفرن آخر كهربائي وشواية كهربائية منفصلة وعجانة ديجيتال وماكينة التوستر وماكينة الوافل،فضلا عن مجموعة مختلفة الأحجام والوظائف من أجهزة التحضير الكهربائية(البراون)، وأطقم البايركس والأركوبال و الصواني السيراميك والتيفال، وغلاية الماء بالتايمر وماكينة عمل القهوة التركي والإسبرسووالكابتشينو أيضا، فضلا عن طاقم التوابل المكون من 24 قطعة مملوءة جميعها بتوابل غريبة استرسل في سرد أسمائها وأنا بالطبع لم يعلق بذهني سوى بعض الأسماء مثل ( زعفران، بابريكا، ورق لورا، زعتر بري)، وقد كان فخورا جدا بكل هذه الإنجازات المطبخية وأنا بالطبع أظهرت له إعجابي بكل ما عرض.

توجهنا إلى شرفة المنزل لنحتسي القهوة قبل تناول الغداء، وبعد دقائق قليلة جاءت القهوة في فنجان أبيض ذو مقبض ذهبي ولكنها (من غير وش)، لم أهتم وبدأت في تناولها إلا أنني لم أستطع حيث كانت لاتمت للقهوة بصلة، وطلبت منه استبدالها بكوب شاي وعلى الفور جاء الشاي في فنجان لا يقل فخامة وسوءًا عن سابقه.

وجاء وقت الغذاء لتفترش المائدة بصنوف وألوان لم أراها من قبل، ولن أحدثكم عنها حيث أنني لم أعتد أن أعيب طعاما قط، كل ما أستطيع قوله أن الأكل (ملوش طعم).

حينئذ تذكرت مطبخ أمي الضيق في المساحة الواسع في العطاء، حيث كان يشتمل على بوتاجاز أطلس 4 عيون وفرن منه فيه وبس، وآلة يدوية تقليدية كانت تُدعى (الجُرْنْ) تستخدم لطحن الثوم والتوابل ومصفاة من الألومنيوم لعصر الطماطم، وثلاثة برطمانات مستعملة سابقا وظفتها أمي لوضع التوابل، الفلفل الأسود والكمون والكزبرة الناشفة وبس.

وبالرغم من بساطة هذا المطبخ الضيق وفقر الإمكانات؛ إلا أنه أخرج لنا أشهى وأطيب الطعام الذي مازلنا نتذكر طعمه ورائحته حتى اليوم.

ولو شبهنا ببساطة صناعة وتنفيذ الأغنية (بالطبخة) لوجدنا فرق كبير جدا بين أغاني زمان وأغاني الآن، فبالرغم من التقنيات الحديثة المستخدمة حاليا في التسجيلات الصوتية حيث تتمتع الأستوديوهات حاليا بتقنيات فائقة الجودة، وأصبحت التسجيلات كلها رقمية (ديجيتال) والأجهزة أكثر حداثة والمؤثرات الصوتية متاحة بشكل مرعب مما قد يجعل من الأصوات العادية أصواتا جيدة جدا، ليس ذلك فحسب بل تلعب الآلات الألكترونية الحديثة دورا هاما في إخراج المنتج بشكل جيد ومتكامل، ومع كل ذلك فإن أغاني زمان والتي تم إنتاجها بأقل التكاليف وأبسط الإمكانات ستظل أجمل وأنقى، إن السر يكمن في الإخلاص في الصنعة قبل جودة وإمكانات الآلات والمعدات.
الخلاصة كلما ذهبت الآن إلى وليمة موسيقية أجد أغاني وموسيقى ملهاش طعم، ياريت يرجع مطبخ أمي دُمتم بحب وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط