الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد إبراهيم يكتب.. مصر تقود أفريقيا نحو التنمية المستدامة (1)

رئيس الوزراء في تنزانيا
رئيس الوزراء في تنزانيا

خلال عقود مضت ولت فيه مصر وجهها عن القارة الأم، مما جعل الدور المصرى والصوت المصرى يخفت شيئا فشيئا فى القارة السمراء، بذلت مصر عقب تولي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد السلطة جهودا حثيثة لتعزيز انتماءها وريادتها للقارة الإفريقية لاستعادة دورها المفقود وقوتها الناعمة، حيث حرص الرئيس علي المشاركة فى جميع القمم الإفريقية واجتماعاتها، وهو ما كان له أثر كبير وصدى واسعا فما كان من القادة الأفارقة إلا اختيار الرئيس السيسي ممثلا للقارة في قضية "تغير المناخ" بنيويورك، والتي استعرض خلالها السيسي وضع القارة الإفريقية وأنها تعد أقل القارات مسئولية عن تفاقم ظاهرة تغير المناخ وأنها مع ذلك الأكثر تضررا من آثار هذه الظاهرة وتدفع الثمن الأعلى جراء احتياجها للتكيف مع تلك الآثار والتى نراها ونعايشها الآن سواء فيما يتعلق بموجات الجفاف والتصحر، والتى يعد إنحسار بحيرة تشاد مثالا واضحا عليها أو إرتفاع مستوى سطح البحر الذى نراه فى دلتا أنهارنا الأفريقية، بما فيها نهر النيل، أو تأثر قطاعات رئيسية وأنشطة سكانية محورية من اقتصاداتنا بالسلب مثل قطاع الزراعة بسبب موجات الجفاف والفيضانات مثلما هو الحال فى جنوب وشرق قارتنا الإفريقية.

كما تم انتخاب مصر رئيسا للاتحاد الإفريقي خلال عام ٢٠١٩، ثقة فى حنكة وخبرة الرئيس السيسى فى معالجة كافة القضايا الإفريقية.

واستمرارا لسياسة مد جسور التواصل بين مصر وأشقائها الأفارقة اهتمت القيادة السياسية بتوسيع حجم الاستثمارات المصرية ومشاركتها التجارية مع العديد من دول القارة، بالإضافة إلي سياستها الثابتة تجاه ضرورة حل المشكلات بالقارة من خلال التفاوض والوساطة والالتزام بعلاقات سلام وتعاون مع جميع الدول.

وقد جاءت زيارة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء, إلي العاصمة التنزانية (دودوما) لحضور احتفالية توقيع عقد مشروع سد ( ستيجلر جورج )، وكذلك عقد لقاء مع الرئيس التنزاني (جون ماجوفولي) قدم خلالها (مدبولي )التهنئة علي توقيع عقد انشاء السد والتأكيد علي توجه القيادة السياسية بضرورة تعزيز الانتماء للقارة والعمل علي المشاركة والدعم لدولها والإستثمار فيها وايضا لتوطيد العلاقات الجيدة والتعاون المثمر والبناء الذي يربط بين مصر و تنزانيا خاصة و أن السد يعد نموذجا يحتذي به للتعاون بين الأشقاء الأفارقة، كما يؤكد مساعدة ومشاركة مصر في تحقيق التنمية والبناء والتعمير في القارة الافريقية استكمالا لدورها ولما كانت عليه من قبل.

كما أن هذه المشاركة عالية المستوى تدل على الآتى:

١- سد ( ستيجلر جورج ) خارج حوض النيل وليس له تأثير علي حصة مصر من مياه النيل.

٢-التأكيد علي أن مصر ليست ضد بناء أي من الدول الأفريقية الأخري سدود لديها ولكن دون المساس بحصة مصر من المياه والتي تعد قضية أمن قومي , والدليل علي ذلك هو تعاونها مع تنزانيا لبناء سد عملاق, وتأكيدها علي أنها تقف بجانب تنمية أي دولة بالقارة السمراء وتدعمها، طالما أنها لن تضر بمصالح الدول المجاورة, وكذلك التعاون مع جنوب السودان وتصميم سدا هناك، بالإضافة إلي مشروع سد أوغندا، وغيرها، ويعد ذلك كما ذكرنا سلفا بمثابة رسالة قوية بأن مصر لا تعارض بناء السدود في الدول الإفريقية, بل تساعد في إنشائها ما لم تضر بمصالحها.

وتعد تلك الزيارة تأكيدا لما يجمع بين البلدين من علاقات تاريخية ممتدة ووثيقة في ضوء احتفال مصر و تنزانيا عام ٢٠١٤ بمرور ٥٠ عاما علي تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، وكذلك التطلع إلى إحياء مسار هذا التعاون البناء في مختلف المجالات خاصة العمل علي زيادة حجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، و في هذا الإطار يجدر الإشارة إلي أن العلاقات السياسية بين مصر وتنزانيا شهدت تطورا كبيرا منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم من خلال الآتي:-

١-مشاركة تنزانيا في حفل تنصيب الرئيس السيسي رئيسا للجمهورية في يونيو ٢٠١٤.
٢- تأكيد تنزانيا ضرورة رجوع مصر لممارسة دورها الطبيعي والتاريخي في أنشطة الإتحاد الأفريقي.
٣- لقاء الرئيسان خلال قمة الأتحاد الأفريقي ال ٢٨ بالعاصمة الإثيوبية , أديس أبابا , في يناير ٢٠١٧ و أكدا علي أهمية تكثيف التشاور و التنسيق بين البلدين في ظل التحديات المشتركة القائمة خاصة في مجال التصدي لخطر الارهاب الذي يشكل تهديدا للقارة الافريقية بأكملها .
٤-زيارة الرئيس السيسي إلي تنزانيا في مستهل جولة أفريقية شملت كذلك ( رواندا – الجابون – تشاد ) في منتصف أغسطس ٢٠١٧ .
٥-علي صعيد العلاقات الإقتصادية و التبادل التجاري وقع البلدان في شهر أكتوبر ٢٠٠٢ إتفاقية لإنشاء مجلس أعمال ( مصري /تنزاني ). كما إنتهيا في عام ٢٠١٥ من مفاوضات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية علي التجارة البينية في إطار إتفاق إنشاء منطقة تجارة حرة ثلاثية بين التكتلات الأقتصاديك الافريقية الكبري ( الكوميسا – السادك- مجموعة شرق افريقيا ) و التي تم توقيعها خلال قمة شرم الشيخ عام ٢٠١٥ , والتي تأتي سعيا إلي تعزيز حجم التبادل التجاري بين الجانبين ، كما شهدت القاهرة عقد إجتماعات الدورة الثالثة للجنة ( المصرية / التنزانية ) المشتركة في شهر يناير الماضي.

٦-دعم تنزانيا لمساعي مصر إلي إنشاء خط ملاحي عبر البحر الأحمر يبدء من ميناء سفاجا لربط دول شرق أفريقيا المطلة علي ساحلة وذلك دعما للعلاقات الاقتصادية و حركة التجارة بين البلدين . فضلا عن دعم مصر في سعيها في هذا السياق من خلال تجمع -الكوميسا- إلي إنشاء خط ملاحي نهري للربط بين البحر المتوسط ليمر بجميع دول حوض النيل و ينتهي عند بحيرة فكتوريا ليخدم هذا التوجه.

وختاما تحية اعتزاز وفخر وتقدير بقيادتنا السياسية التي أعادت لمصر هيبتها وريادتها وتصدرها للمشهد علي كافة الأصعدة... وللحديث بقية،،،