الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سلامًا على عقولنا المهاجرة !!


إذا كان مُفارقة الروح للجسد مؤلمة، فلابد أن عودتها إليه ثانيةً أمرٌ باعثٌ على الإرتياح.. هكذا تمثلُ لي عودة علماء مصر بالخارج للمساهمة في تقديم الرؤية والأطروحة، وصياغة الروشتة، لرفعة بلادنا ونموها ونهضتها، وذلك في إطار مبادرة "مصر تستطيع"، التي احتضنت مدينة السلام "شرم الشيخ" النسخة الرابعة لها خلال يومي 17 و 18 ديسمبر الجاري، بمشاركة واسعة من نحو 30 عالمًا مصريًا مغتربًا ذوي تجربة رائدة وملهمة في مجال التعليم... محور المؤتمر لهذا العام.

نحو بدايات القرن الماضي، بدأت أفواجُ العلماء المصريين تغادرُ أرض بلادها نحو أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا، بحثًا عن بيئة حاضنة للإبداع، تُؤمن بقيمة العلم، وتتيحُ للبحث العلمي موازنات ضخمة، تستوعبُ ما في عقولهم من مشاريع وبرامج علمية، حتى غدت مصر تتصدر التصنيف العالمي من حيثُ عدد العلماء في الخارج، بنحو 86 ألف عالم وأكاديمي وباحث مهاجر، في مختلف التخصصات العلمية، وذلك طبقًا لتقرير يرجعُ إلى 3 أعوام، صادرٌ عن اتحاد المصريين بالخارج بالتعاون مع مركز الإحصاء التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وبقدر ما أتاحت الهجرةُ لعلماءنا المناخ الملائم لإحراز الكثير من الانجازات العلمية، والتميز على نحو ملحوظ في تخصصاتهم، فقد خسر الوطن الكثير من نزيف العقول، وفاته شوطٌ واسع في سباق الإختراع والإبتكار.

ولاريب أن مؤتمرات "مصر تستطيع" حققت أهدافها المنشودة بربط عقول مصر المهاجرة بقضايا التنمية في الوطن، وبخاصةٍ فيما يخص محور بناء الإنسان المصري، كما أتاحت تقديم خُلاصة الخبرات المتراكمة لدى علماءنا بكل رضا لتكون تحت تصرف المسئولين لدينا، وساهمت كذلك في نسف الفكرة الشائعة حو انفصام "العالم المهاجر" عن قضايا وطنه وسخطه على الظروف التي اضطرته إلى قرار الهجرة، ولعل إقبال علماء مصر على المشاركة في هذا المحفل العلمي القومي، يعدُ دليلًا على يقينهم بأن البيئة العلمية في مصر باتت حاضنة للإبداع، مستقطبة للعقول، مستوعبة للرؤى والأطروحات، فهم يلمسون ذلك من رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتلك المؤتمرات، والحضور المكثف لوزراء الحكومة، وإصغاء المسئولين باهتمام لكل ما يتم تداوله ضمن جلسات ومناقشات المؤتمر من أفكار تناسب الواقع المصري وتهدفُ إلى النهوض بالوطن في مختلف المجالات.

أثمنُ اختيار "التعليم" ليكون محورًا للنسخة الرابعة من مؤتمر "مصر تستطيع"، فهو يعكسُ اهتمام الدولة البالغ بالنهوض بالمنظومة التعليمية والارتقاء بمخرجاتها لايجاد جيل واعٍ يتسلح بأدوات العلم في مواجهة تحديات المستقبل، كما أثمنُ ما أعلنته الوزيرة النبيلة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، من تدشين مؤسسة "مصر تستطيع" لتكونُ همزة وصل بين العلماء في الخارج ووطنهم الأم، فالعملُ ُعلى نحوٍ مؤسسي، يُضفي على مبادرة "مصر تستطيع" قدرًا كبيرًا من الزخم، حيثُ يُحقق استدامة التواصل الفاعل مع علماءنا بالخارج، لتعظيم الاستفادة من خبراتهم، والعمل على بلورة التوصيات التي تسفر عنها مناقشات العلماء والساسة، في صور برامج تنفيذية ومشروعات، بما يدفعُ مسيرة التقدم والابتكار قدمًا لتحقيق رفعة الوطن.

عودة علماء مصر بالخارج بمثابة عودة الروح، ومساهمتهم في بناء الوطن تجسيدٌ خالصٌ لمعاني الوطنية والعرفان.. سلامأً على عقولنا المهاجرة.. وأهلًا بكم دومًا في وطنكم مصر.. بداية الرحلة والمنتهى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط