الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دورات تدريبية للمقبلين على الزواج


مقترح اجتماعى مهم، نقدره ونثمنه، تقدمت به النائبة مايسة عطوة، عضو مجلس النواب لتأهيل المقبلين على الزواج من خلال دورات تدريبية، شاملة كافة الموضوعات التي تخص الأسرة والزوجين، بالتعاون مع الوزارات المختلفة، وافق عليه البرلمان نهائيا على المقترح، تبدأ دوراته في شهر مارس، عصمة للحياة الأسرية وحفاظا على عراها الوثقى من الانفصام.

والحق أشهد أن مثل هذا الاقتراح أثاره الرئيس السيسى، في المؤتمر الوطني السادس للشباب بجامعة القاهرة، تعقيبا على ارتفاع معدلات الطلاق في مصر، مطالبا بإنشاء مراكز لتأهيل المقبلين على الزواج، بعمل دورات تدريبية مواجهة لكثرة حالات الانفصال، من خلال وزارة التضامن الاجتماعي، ومنظمات المجتمع المدني.

وفي تحقيق للزميلة شيماء شعبان ببوابة الأهرام في الأول من يناير العام الجارى، وتحت عنوان "حالة طلاق كل دقيقتين ونصف..15 مليون حالة عنوسة.. خبراء يكشفون الأسباب"، ذكرت أن تقريرا لمركز معلومات رئاسة الوزراء، خلال عام 2018، أكد أن حالات الطلاق وصلت إلى مليون حالة بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف، وهذا يعنى أن حالات الطلاق، تتعدى في اليوم الواحد 2500 حالة، فيما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون على يد مأذون، ناتجا عن ذلك تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل، أما العنوسة فوصلت نسبتها بين الشباب والفتيات إلى 15 مليون حالة، وفى إحصاءات لمحاكم الأحوال الشخصية، أكدت أن حالات الخلع تخطت 250 ألف حالة، بزيادة 89 ألف حالة بالمقارنة بـ 2017، وهذه الأرقام تعد صادمة، ونذير شؤم وخطر يهدد مجتمعنا المصرى، في سلمه المجتمعى، الأسرى، السلوكى، الأخلاقي، وهدما لركائزه وأعمدته الرئيسية.

المفكر الاجتماعى الدكتور نبيل السمالوطى أخبرنى في حوار لى شامل معه أنه بإشرافه على إحدى طالباته بالماجستير، وجد تجربة متميزة في الكنائس المصرية، هى وجود دورة إجبارية يأخذها كل من يقدم على الزواج، وتوجد دورات متخصصة اختيارية أخرى، مثل كيف تنشئ وتربى الأبناء؟ وكيف تواجه المشكلات الأسرية؟، وقد خرجا في نهاية الرسالة بتوصية مفادها: لابد وان تكون هناك دورات قبل الزواج من قبل مؤسسات الأزهر والإفتاء والأوقاف.

وبالنظر إلى شرعنا الحنيف نجد قرآننا الكريم، فضلا عن السنة النبوية الشريفة، اهتم بالأسرة اهتماما بالغا؛ لأنها أساس بناء المجتمع، ولبنته الرئيسة، ومن مجموعها يتكون المجتمع، وإذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد.

من مبادراتها الطيبة التي تعنى بشأن مجتمعها في تلك القضية التي نحن بصددها، كان البرنامج التدريبى الذى أطلقته دار الإفتاء المصرية، بفتح باب الاشتراك في البرنامج السابع لإعداد وتأهيل المقبلين على الزواج، لتدعيم الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، مستغرقا ستة أسابيع، بما يعادل 24 ساعة تدريبية، والذي جاء فيه: هتتجوز قريب؟ عندك مشاكل بعد ما تزوجت ومش عارف تحلها؟، حابب تفهم يعني إيه حياة زوجية وازاى تختار زوجتك؟، ازاى تبني بيت وأسرة؟، إيه مواصفات بيت الزوجية؟ إزاى تخطط لمستقبلك؟ وتكون أسرتك أسرة فعالة وناجحة في المجتمع ونواة لمجتمع خالي من المشاكل؟، وأعتقد يقينا ان الاستفادة المرجوة من البرنامج قصوى وفعالة وعلاجا وتعديلا شافيا لأفكار ومعارف الكثير من شبابنا وفتياتنا المقبلين على الزواج. 

يقول الشيخ أحمد أبو عيد من علماء الأوقاف، وتحت عنوان "مسئولية الأسرة في الإسلام": أحاط الإسلام العلاقة الزوجية برباط مقدس، حفظ فيها حقوق الزوج وحقوق الزوجة وبين أن العلاقة الزوجية ليست علاقة شهوانية يقضي كل منها وطره ويشبع غريزته، بل ارتقى بها في مدارج الفضيلة، وجعل الأساس في اجتماع الزوجين والعشرة الزوجية المودة والرحمة والألفة. قال تعالى: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". 

وأول هذا الرباط تحمل المسؤولية، تحملا عظيما، يراعى فيه الزوج والزوجة حقوق كل منهما على الآخر، بل وحقوق أولادهما فيما بعد لقول النبي : "كلكم رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأمِيرُ رَاعٍ ، والرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أهْلِ بَيتِهِ ، وَالمَرْأةُ رَاعِيةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجها وَوَلَدهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

فرغب شبابنا القادر أمرا إلى تحقيق هذه السنة الربانية، قائلا:" يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ؛ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "، والباءة ‏هنا تعنى القدرة على تكاليف الزواج والجماع. ‏

ويوصى الرؤوف الرحيم الرجال بالنساء: قائلا: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".

من حقوق الزوجة التي أوجبها إسلامنا على زوجها، أن يكون حسن الخلق معها، يحسن معاشرتها، يحتمل أذاها : لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، وأن يسكنها مسكنا شرعيا على قدر حالته المادية، وأن يكون مجهزا بما تحتاجه الزوجة لقوله تعالى: "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ "، كما يجب عليه الإنفاق عليها، لقوله تعالى: " لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"، والقيام بحمايتها وحفظ عفافها، بمنعها من التبرج والاختلاط بالرجال الأجانب، وإلزامها بالحجاب الشرعى، وفى المجمل ، الالتزام بأخلاق نبينا القدوة في جميل عشرته بنسائه.

ومن مسؤوليات الزوجة لزوجها، التي جاءت تعاليم ديننا معلمة وملزمة إياها، المحافظة على بيتها ومال زوجها وطاعته فيما أمر، حتى في تطوع العبادات ونوافل الخيرات لا يحل لها أن تفعل ذلك إلا بإذن زوجها، وأن تجيبه إذا دعاها إلى الفراش، ومساعدته على الخير والبر، وعدم إلجائه إلى تكلف ما لا يطيق، وتهيئة ما يعفه ويدعوه إلى محبتها، لقوله :"الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ"، كما عليها أن تتجمل وتحسن هيئتها لزوجها، لإدخال السرور على قلبه ونفسه، وأن تعصمه من الفتن الذي يراها خارج البيت، وحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.

تلك تعاليم ديننا -خير زاد، ومعون رشد وهداية، إذا اعتصم بها شبابنا وفتياتنا في مقتبل حياتهم الزوجية، حفاظا على سكنهم، وديمومة للود والرحمة والبر بينهما- يسبق بها كل مدربى وخبراء التنمية البسرية والسلوك الأسرى، بدوراتهم المختلفة، ومسمياتهم وتعاليمهم الشتى، وصدق ربنا الحكيم: "ما فرطنا في الكتاب من شئ"، فقط علينا تطبيقها والعمل بها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط