الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر الحلوة


أحيانًا ينظر إنسان لقضية ما من زاوية معينة فقط, ويؤهل نفسه للقناعة بالقرار الذي بداخله فقط بعناد ودون قناعة, حينها لن يجد غير منطقه الوحيد الذي بداخله لكي يقتنع به, وقد يرفض عدة محاور لإبراز الوجه الجميل لتلك القضية لمجرد أنه مقتنع بعناد بوجهة نظره, مثل الكثيرين الذين يعارضون لمجرد إبراز الصوت او تهديد الطرف الآخر أو السير في طريق معارضة البيزنس, وهم الآن كُثر . 

أحيانًا تُطالعنا آراء النقد للمنظومة التعليمية الجديدة التي يطبقها "د. طارق شوقي" وزير التربية والتعليم, دون أن يقدموا البديل, والبعض يرفض المنظومة الاقتصادية الحالية دون أن يقدم البديل, و البعض يتهم وزراء كثيرون بالتقصير دون أن يقدموا البدائل التي يمكن للحكومة الأخذ بها, هؤلاء هم أدوات الإرهاب التي تستخدمها قيادات الإرهاب في اقناع ضعاف النفوس بأن النظام يعيش فسادًا في فساد, ويجب القضاء عليه وعلي من يعمل معه, و يدسون في عقولهم الهشه بأن ما يحدث لا يليق, وما يحدث مخالف لشرع الله دون أن يعَّرفونا ما هو شرع الله الذي يعتقدونه و يؤمنون به؟ 

فأي شرع وشريعة تلك التي يؤمنون بها وتؤيد وتدعو لأن تُحَّرم أُم من حُضن إبنها, وإبن من صدر والده, وأطفال من أن يكون لهم أب؟ أي شريعة تلك التي تحرم زوجة من آمان وسند زوجها؟ أي شريعة تلك التي تدعو لقتل من يسهر على حمايتنا ويذود عن أرضنا؟ فما هو الذنب الذي ارتكبه أبطالنا الشباب من رجال الأمن -سواء جيش أو شرطة- لكي يباغتوا بالغدر ممن أعطوهم الآمان ليمروا من طريق آمن يقومون بحراسته؟ أبطالنا من أفراد الأكمنة الذين يُؤَّمنون الحدود ويحرسونها من محاولات غدر وتسلل العدو الأصلي لبلادنا وهم الصهاينة. 
 
قال لي أحد ابطالنا المصابين في حادث إرهابي لأحد الأكمنه: "نحن يقظون جدًا في حراسة ارضنا والمشكلة أننا نعطي الآمان بالمرور في أمان لأخونا المصري, و في لحظة نكتشف أنه شيطان إرهابي يباغتنا لتأتينا الخيانة ممن نأتمنهم, فلو رأينا عدو يقترب لمزقناه, ولكن للأسف من نحميهم هم من يغدرون بنا!! حينها تذكرت تلك القصيدة الشهيرة لصديقي الحبيب الشاعر الغنائي "جمال بخيت" وهي: "دين أبوهم إسمه إيه, أي دين يعتقدونه وأي صلاة يتقربون بها من الله وأي رب يعبدونه؟ 

هؤلاء هم ضحايا لقيادات تتاجر بهم و تخون مصر, فمن الذي يُخًّرب عقولهم في الأساس؟ ومن الذي يُمَّول تلك العمليات التي تحدث في سيناء؟ و التي اعترف احد الصغار المقبوض عليهم بأن هناك تسعيرة وضعتها قيادات الإرهاب الممولة لتلك العمليات لثمن قتل الجندي أو الضابط, وبالطبع سيجدون من يستجيب من بعض ضعاف النفوس لتنفيذ تلك الأعمال الغادرة دون وعي أو تفكير, أتذكر أنني كنت ضيفًا على أبي الروحي -أطال الله عمره و الذي أعتز به وأقدره- اللواء "فؤاد علام" وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق, وكنت أزوره في منزله, وسألته عن شئ يحيرني كثيرًا, وقلت له: سيادة اللواء كيف يستطيع أحد مهما كان شأنه أن يقنع شخص ما بأن يقتل نفسه و يرتدي حزام مملوء بالمتفحرات ويذهب لتفجير نفسه برغبته؟ إبتسم رجل الأمن الشهير وقال لي: شياطين الإرهاب والاقناع, فهم ينتقون ضعاف النفوس ويأخذونهم في دروس من بعد صلاة العشاء حتي صلاة الفجر, يُسلبون إرادتهم بدروس, يُحًّرفون فيها مفاهيم الدين السمح ويقنعونهم بأنهم ذاهبون لحياة النعيم وجنة الخُلد, وأنهم سيلحقون بهم تِباعًا في الجنة, ولكن عليهم تخليص الوطن من هؤلاء, وبالطبع يستجيب هؤلاء المُغًّيبة عقولهم, وأعود ليدور في خلدي الكثير من الأسئلة التي من الممكن أن نتعرف على إجاباتها بسهولة, فمن الذي يقوم علي إجراء التدريبات علي تصنيع المتفجرات, ومن يمولها ويدرب من يصنعها؟ ومن الذي يوفر أماكن للتدريب ومخازن للتسليح, ومن يمولها؟ ومن الذي يمد تلك العناصر بأسلحة لا توجد إلا في جيوش دول؟ 

أعتقد أن الخيوط تتجمع عند تنظيم دولي يعمل لصالح دول تساعد في نشر الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة, ولا استبعد مطلقًا الصهيونية العالمية, التي تتلقى دعمًا مباشرًا من الإرهابيين في قطر وتركيا, وبرغم كل هذا مصر الحلوة باقية مع كل الجرائم التي تُرتكب, واستشهاد بعض من أفراد الأمن المُخلصين, فلن تنضب مصر ولا أرضها عن نبت أبطال جدد, ومشاريع أبطال المستقبل, ومشاريع شهداء أيضًا. 

فما رأيته أثناء وجودي في أكاديمية الشرطة الجمعة الماضية لزيارة إبن أخي الطالب المستجد وزملائه شئ يدعو للفخر بأبناء مصر الحلوة, اكثر من ١٣٠٠ أسرة تجمعت في زيارة أبطال مستقبل مصر الحلوة, وأعلنوا أنهم برغم ما يحدث من حوادث إرهابية فإنهم مصممين على بقاء أبنائهم في الكلية وتقديمهم فداءً لمصر, لم تكن الكلمات مجاملة حين سمعتها من أكثر من أُم وأب سالتهم في حوار عادي لم أكشف فيه عن مقصدي, وكان الإصرار في كلمات وعيون أبناء مصر الحلوة: إحنا بنقدم ولادنا فداءً لمصر, مين ها يحمي بلدنا إلا شبابنا الأبطال وإحنا وراهم ومعاهم وبجوارهم . 

مصر الحلوة كانت في كل زغرودة أطلقتها أُم حين رأت إبنها يرتدي الملابس الشرطية, مصر الحلوة كانت هناك في كل حُضن, وكل دمعة فرح في عيون أمهات أبطال المستقبل, أو كما قالوا لي شهداء المستقبل فداءً لمصر,
صدقوني :
مصر الحلوة شفتها هناك في عيونهم وقلوبهم
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط