الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد الهجوم على رامي مالك.. من هو مغني الروك الذي جسده في فيلم Bohemian Rhapsody

صدى البلد

فجر الاثنين الماضي، سهرت الأعين وفرغت الأسرة من النائمين الذين اصطفوا أمام شاشات التليفزيون، لمتابعة حفل الأوسكار، تشتعل الأجواء وتتضارب التوقعات حول حامل اللقب، لحظات ويعتلي رامي مالك المسرح، الممثل الأمريكي من أصول مصرية، يحمل الجائزة في يده، ليفوز بالأوسكار كأفضل ممثل عن دوره لشخصية فريدي ميركوري في فيلمه Bohemian Rhapsody، المستوحى من قصة أسطورة الروك والمغني الرئيسي لفرقة كوين queen.


موجة انتقادات تعرض إليها "رامي" من المصريين، بسبب تجسيده لشخصية فريدي ميركوري، الذي عرف عنه ميوله الجنسية الشاذة، والذي توفي إثر إصابته بالإيدز، وكشر المصريون عن أنيابهم أمام الشاب الأمريكي ذو الأصول المصرية، وكيف جسد شخصية شاذة جنسيا في مجتمع غربي، ولم يراع أصوله العربية بعاداتها وتقاليدها، ولكن لميركوري إنجازات ومحطات في حياته بمثابة شعاع أمل وقصة كفاح لشاب هندي بسيط وصل للعالمية بكفاحه وإصراره. 


"we will rock you"، سواء كنت من محبي الروك أو لا، فلا بد أن مرت عليك تلك الأغنية، عشرات اللآلاف من الجماهير يتزاحمون أمام مسرحه، ممسكا بالميكروفون، أشبه بالنحلة التي تحلق بين خليتها، خلق فريدي ميركوري عالم آخر من موسيقى الروك، وحلق بها بعيدا عن غيره لتتميز موسيقاه عن غيره.

ثمانية عشر عاما على رحيله، إلا أنه مازال عالقا في الأذهان وقلوب الملايين من عشاقه، أسطورة في حياته وحتى بعد رحيله، أصبح الحاضر الغائب في حفل الأوسكار الاثنين الماضي، بل عرفه العرب الآن بعد حصد رامي مالك جائزة عن الشخصية.


فريدي ميركوري، لم يكن اسمه الحقيقي، ولد باسم فاروق بولسار عام 1946، في مدينة زنجبار بتنزانيا، من والدين هنديين، التحق بمدرسة داخلية في الهند، ومنذ نعومة أظافره، أظهر الفتى براعته في عزف البيانو، وأحبت أذنه سماع الموسيقى، فاعتاد الجلوس بجوار الراديو وسماع الأغاني، أظهر شغفه بالموسيقى حتى التحق بكلية الفنون في لندن بعدما هاجرت عائلته إلى بريطانيا في الستينيات.

وكانت كلية الفنون بمثابة الطبق الدسم الذي غذاه وأشبعه بالفن، فتعرف على العديد من الموسيقيين هناك، واعتاد صحبتهم وتعاون في الغناء معهم، وفي عام 1969، انضم لفرقة موسيقية Ibex، وأصبح المغني الرئيسي لها، وعمل في عدة فرق أخرى، حتى أنشأ فرقته الخاصة Queen عام 1971، مع عازف الآلات الإيقاعية روجر تايلور Roger Taylor وعازف الغيتار برايان ماي Brian May، وجون ديكون John Deacon، وأطلقوا أول ألبوماتهم عقب عامين من تدشين الفرقة، إلّا أن موسيقاهم لم تحظ بالاهتمام الذي كان قد توقّعه الرباعي إلا بعد إطلاقهم لألبومين آخرين، بعدما نجحوا في تأسيس قاعدة جماهيرية واسعة وشعبية كبيرة.

"لن أكون مجرد نجم في عالم الروك، سأكون أسطورة"، آمن فريدي ميركوري بموهبته، صوته الذي حول به أغانيه إلى لوحة فنية يلونها بأحباله الصوتية التي تراوحت مداها ما بين 4 طبقات، أذهلت الملايين، حفلاته لم تكن غنائية فقط، بل استعراضية بشكل آخر، حيث حرص على الظهور إلى جمهوره كل مرة بأزياء مختلفة حتى اشتهر بها وأصبح له طلة مختلفة عن غيره، طريقته في إمساك الميكروفون والغناء به كأنه يراقصه.

وفي بداية الثمانينات، لمع بريق فرقة كوين، وأطلقوا ألبوم "News of the World" الذي حقّق نجاحًا غير مسبوق، من خلال عدّة أغاني مثل "We Are the Champions" التي احتلّت المركز العاشر في أمريكا وبريطانيا وأغنية "We Will Rock You"، التي تعد علامة مميزة في تاريخ موسيقى الروك، ومازلنا نسمع هاتين الأغنيتين في الكثير الأحداث الرّياضيّة إلى يومنا هذا.


تميز فريدي ميركوري بحبه للتجديد ومعاصرة كل ما هو جديد، بل خلق حالة وموسيقى جديدة أدخلها لأغانيه، وبالرغم من اختلافه إلا أنه لاقى نجاحا كبيرا، وتعاونت فرقة Queen مع المغنّي الرّاحل ديفيد بوي "David Bowie" على إنتاج أغنيتهم الجديدة "Under Pressure" والتي أصبحت في المركز الأوّل في بريطانيا وكثُرَ الحديث لاحقًا بأن مغنّي الرّاب Vanilla Ice، قد استخدم ألحان الأغنية في أغنيته "Ice, Ice Baby"، التي قد حظيت بنجاحٍ واسعٍ، كما تمّ تنسيق حفل لندن السّابق من قبل كل من المغني والنّاشط بوب غيلدوف Bob Geldof وكاتب الأغاني ميدج يور Midge Ure، في خطوةٍ منهم لجمع الأموال لمساعدة ضحايا المجاعات في إفريقيا.

ورغم نجاحات المغني المغمور الذي اتجه إلى تأليف وتلحين أغانيه بنفسه، إلا أن حياته الشخصية حاوطها الريب، وعرف عنه ميوله الجنسية الشاذة والمزودجة، فبالرغم من قصة حبه مع ماري أوستن والتي عاش معها لسنوات، إلا أنه أقام علاقة جنسية مع عامل شركة تسجيلات، مما أدى إلى انتهاء علاقته بحبيبته، وبعدها بسنوات أقام علاقة مع الممثّلة النّمساويّة باربارا فالنتين، لتنتهي هي الأخرى، ويواعد فريدي مصفف شعر خاصته.


أصدر ألبومه المنفرد "Mr. Bad Guy" الذي يعد من أنجح ألبوماته، وضم إحدى عشر أغنية كتبها ميركوري بنفسه، ولم تكن هذه الأغاني مُقتصرةً على نوعٍ واحدٍ من الموسيقى وتنوّعت بين موسيقى البوب، والديسكو والموسيقى الراقصة.

وتسببت علاقاته الجنسية في وفاته، بعد إصابته بمرض الإيدز، وتدهورت صحته، وأراد أن يبقى مرضه في الخفاء بعيدا عن الأعين حتى لا يكون مثيرا للشفقة أو الفضول، وسانده في مرضه حبيبته السابقة ماري ومصفف الشعر الخاص به، وابتعد قليلا عن المسرح وقلت حفلاته، واختفى نهائيا عن الأنظار.

وفي عام 1991 خرج ميركوري عن صمته، وأعلن الخبر المحزن لجمهوره ومحبيه حول العالم، قائلًا: "أريد أن أخبركم بأنّني قد خضعت لبعض الفحوصات وتبيّن بأنّي مصابّ بنقص المناعة المُكتسب HIV الإيدز، في بادئ الأمر رأيت أنّه من الصّواب أن أبقي هذا الأمر خاصًا لحماية خصوصيّة من حولي، لكنّ الوقت قد حان لأن أُعلمَ أصدقائي ومُعجبيني حول العالم بالحقيقة، كما أتمنّى من الجميع الانضمام ومساعدة طاقم أطبّائي والأطبّاء حول العالم للوقوف في وجه هذا المرض الرهيب".

رحل أسطورة الروك عقب ذلك اليوم، في العقد الرابع من عمره، في لندن، وحزن عليه العالم، ودفن طبقا لمراسم ديانته وثقافته الهندية، في وصيّته، ترك منزله لشريكته السّابقة ماري أوستين، بينما وزّع ممتلكاته وأمواله بين كل من عائلته، وشريكه السّابق جيم، والأشخاص الذين عملوا معه.

وبعد رحيله أصبح الأوّل في لوائح تصنيفات الأغاني البريطانيّة؛ ففي عام 2001 تمّ إضافة اسم ميركوري وباقي أعضاء فرقته إلى الصّالة الفخريّة لموسيقى الروك آند رول، وذلك في خطوةٍ تقديريّةٍ لما أضافوه إلى تاريخ الموسيقى الأمريكيّة.