الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اعتدال ....



الاعتدال هو التوسط بين حالين، بين مجاوزة الحد المطلوب والقصور عنه، فهو خير الأمور كلها.
الاعتدال ليس في الدين فقط كما يعتقد البعض، بل الاعتدال واجب في كل مظاهر الحياة، في الطعام والشراب، في النوم واليقظة، في الفرح والحزن أيضا، يمكننا القول أن الاعتدال مطلوب في الحياة كلها، بل أن الحياة الحقيقية كلها (اعتدال).

وبحكم تخصصي الموسيقي دعوني أحدثكم عن مصطلح الاعتدال في الموسيقى، فالموسيقى العالمية تزخر بمصطلحات التعبير التي تضيف للمقطوعة الموسيقية جمالا فوق جمالها، فهناك مصطلحات خاصة بسرعة الأداء تدون في أول المقطوعة الموسيقية، أذكر لكم بعضا منها: (Allegro) ويعني الأداء السريع، و(Andante) ويعني الأداء البطيئ، وبينهما السرعة المعتدلة (Moderato) وهي السرعة الأكثر استخداما في العالم فهي السرعة التي يرتاح لها وجدان وقلب المستمع، فالاعتدال هو الفطرة التي خلق الله عز وجل الإنسان عليها، وهناك سرعات أخري مثل (Presto) أي فائق السرعة وكذلك (Adagio) أي بطيئ جدا، ولكن يظل الأداء باعتدال (Moderato) أهم السرعات المستخدمة عالميا.

ونظرا لأن الموسيقى تحاكي الحياة بكل تفاصيلها، فدعوني أشبه لكم السرعات الثلاث الأساسية (سريع، إعتدال، متوسط) بدورة حياة الإنسان (طفلا، شابا، كهلا)، فنجد السرعة في الحركة هي سمة الطفولة، فالطفل دائما سريع الحركة (Allegro) وتبدأ هذه الحركة في الاتجاه نحو الهدوء كلما كبر الطفل حتى يصل إلى الاعتدال (Moderato) في كل حركاته حين يصل إلى مرحلة الشباب والنضج، ثم يبدأ التدرج الطبيعي نحو هدوء الحركة حتى يصل الشاب إلى الكهولة فتكون حركته بطيئة جدا (ِِAdagio).

كما توجد مصطلحات أخرى خاصة بشدة وقوة الصوت أذكر لكم منها (Forte) أي الأداء بصوت قوي، و(Piano) أي الأداء بصوت خافت، وبينهما يأتي الاعتدال متمثلا في المصطلح (Mezzo) أي متوسط، ويضاف هذا الأخير إلى مصطلحي القوة والخفوت هكذا: (Mezzo Forte) ليصبح الأداء متوسط القوة وأيضا (Mezzo Piano) ليصبح الأداء متوسط الخفوت.

وإذا تحدثنا عن أرقى المشاعر الإنسانية ألا وهي الحُب، فنجد أن (الحب اعتدال)، فإذا زاد الحب عن حده ووصل إلى أقصى درجاته ربما يذهب بصاحبه إلى الجنون، وإذا قل الحب تحول إلى مجرد اهتمام وهذا لا يكفي لإقامة علاقة قوية تسمح لكل من الطرفين أن يتحمل الصعاب من أجل الآخر، بل وأن يضحي بحياته من أجله، لذلك أوصي كل من يحب بعدم المغالاة في حبه حتى لا يتحول الرباط العاطفي الجميل الذي يربط قلبيهما بلطف إلى حبل متين قد يقيد أحدهما أو كلاهما ليتحول إلى سجين، وأيضا من الضروري أن يحرص كلا الطرفين ألا يفتر الحب ليتحول إلى مشاعر باردة لا تكفي لمواجهة صعوبات الحياة فيفترقا عند أول عقبة، وليتذكر الجميع أن (الحب اعتدال)....... دُمتم بحب وفن.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط