الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شعيب عبد الفتاح يكتب: أنجبت وطنا وربت أمة

شعيب عبد الفتاح
شعيب عبد الفتاح

تحتفل مصر في يوم 16 من شهر مارس كل عام بيوم المرأة المصرية ، ففي مثل هذا اليوم من عام 1919 خرجت المرأة المصرية لتشارك رجال الوطن في ثورة الشعب الكبيرة ضد الاحتلال الانجليزي ، وسقطت فيه أول شهيدة مصرية وهي الشهيدة حميدة خليل ، ومعها مجموعة من الشهيدات المصريات هن: نعيمة عبد الحميد ، فاطمة محمود، نعمات محمد، حميدة سليمان، يمنى صبيح ، واحتفال مصر بهذا اليوم تحديدا ما هو إلا رمز لاحتفالها الأشمل بنضال ومجد المرأة المصرية عبر تاريخها الطويل والممتد لآلاف السنين ، حيث يعود الفضل لتوحيد القطرين على يد الملك مينا عام 3200 قبل الميلاد ، وتأسيس حكومة مركزية الى عقد زواج أنهى حربًا طاحنة دارت رحاها لعقود بين مملكتي الشمال والجنوب المصري، وذلك حين أرسل مينا وفدًا إلى حاكم مصر السفلى (الشمالية) لإيصال الرسالة الآتية: لقد طالت الحرب عشر سنوات ولم تنته، ولقد نادى بي والدي ملكًا، وأرغب الصلح معك، إنّ لك ابنة واحدة وليس لأبي ولد سواي، فدعني أتزوج ابنتك فتكون ملكة معي، ونجمع العرشين في عرش واحد، وأبني عاصمة جديدة تقع في منتصف المسافة بين عاصمة ملكك وعاصمة ملك والدي ، فأُعجب الحاكم بالفكرة وزوّج ابنته من مينا، وهكذا أصبحت مصر مملكة واحدة لملك واحد .

كما كانت السيدة آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون مضربا للمثل في إيمان وتقوى المرأة المصرية وكيف تحولت من ملكة متوجة في قصر الفرعون إلى امرأة معذبة ومغضوب عليها ، وكيف ربطها فرعون في صخرة في شمس البلاد الحارقة دون طعام أو ماء ، حتى ترتد وتكفر بالله ، ولكنها طلبت من الله عز وجل أن يريها بيتها في الجنة حتى تسعد ، وبالفعل أراها الله بيتها فابتسمت وأخذت تضحك ، وكان فرعون حاضرًا في تلك اللحظة فقال لهم: انظروا جنونها تضحك ونحن نعذبها ، وبعدها أمرهم أن يلقوا عليها بصخرة عظيمة ، فقبض الله روحها بسلام ونزلت الصخرة على جسد لا روح فيه ، وعلى نفس الصعيد شهد العصر الفرعوني تعظيما كبيرا للمرأة المصرية فكان هناك العديد من الملكات مثل "مريت- نت، خنتكاوس، نيت– إقرت، نفروسوبك، حتشبسوت، نفرتيتى، تاوسرت.

ويمضي بنا تاريخ المرأة المصرية الذي سطر تاريخ البشرية بأكملها ؛ ليصل بنا إلى السيدة هاجر عليها السلام زوجة أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وأم سيدنا إسماعيل وأم العرب ، وكذلك السيدة مارية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأم ابنه سيدنا إبراهيم عليه السلام ، ويذكر التاريخ أيضا القديسة المصرية كاترين العالمة التي عاشت بالإسكندرية في القرن الرابع الميلادي ، وفي عام 307 م حضر القيصر مكسيميانوس الثاني إلى الإسكندرية، فأمر بعبادة الأوثان واضطهد القديسة كاترين وعذبها حتى أمر بقطع رأسها في 25 نوفمبر سنة 307 م. وهي التي أطلق اسمها على دير سانت كاترين بسيناء .

وإذا تجاوزنا مراحل تاريخية كثيرة لنصل إلى العصر الحديث نجد السيدة ملك حفني ناصف عام 1900 أول طفلة مصرية تحصل على الشهادة الابتدائية من (المدرسة السنية) ، وبرز اسم نبوية موسى كأول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا وذلك عام 1907 م . وظهرت جميلة حافظ كأول امرأة مصرية تؤسس مجلة نسائية، فأصدرت مجلة "الريحانة" عام 1907 م.

ثم قامت ثورة 1919 وقامت أول مظاهرة نسائية ضد الاحتلال البريطاني في 16 مارس 1919. وقد تظاهرت في هذا اليوم أكثر من 300 سيدة بقيادة السيدة هدى شعراوي والسيدة سيزا النبراوي منددات بالاحتلال البريطاني والاستعمار فاختير هذا اليوم يومًا رسميًا للاحتفاء بالمرأة المصرية، وبعد ثورة يوليو كانت راوية عطية أول نائبة تدخل البرلمان المصري عن دائرة القاهرة عام 1957. وتلا ذلك تعيين أول وزيرة للشئون الاجتماعية في مصر وهي حكمت أبو زيد عام 1962.

وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي توفرت الإرادة السياسية الصادقة لتمكين المرأة المصرية ، حيث أخذ الاحتفاء بها شكلا ومضمونا مغايرا بالكلية لما سبقه من عصور ؛ فأعلن السيد الرئيس أمام مؤتمر حكاية وطن بأنه هو وزير المرأة ، كما تم اعتبار عام 2017 هو عام المرأة ، وأصدر الرئيس السيسي في عام 2016 قرارًا بإعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، لأول مرة منذ تشكيله، مكلفًا إياه بإستراتيجية تمكين المرأة 2030 ، كما خصص الرئيس السيسي حوالي 250 مليون جنيه لوزارة التضامن بهدف دعم تمويل مشروعات المرأة المعيلة.

كما تم في عهد إعداد مشروع قانون يمنع سجن الغارمات، كما تولت المرأة لأول مرة في التاريخ منصب المحافظ عندما تم تعيين السيدة نادية عبده في منصب محافظ البحيرة ، كما تحول قصر الاتحادية الى مضيفة لاستقبال سيدات مصر البسيطات والمكافحات ؛ حيث استقبل الرئيس السيسي، السيدة منى السيد إبراهيم بدر، صاحبة صورة جر عربة البضائع بالإسكندرية، والسيدة مروة الجهلان العبد، أول سائقة تروسيكل بمحافظة الأقصر، والحاجة صيصة أبو دوح النمر، سيدة الصعيد التي تنكرت في زي رجل لمدة 40 عامًا، من أجل تربية ابنتها بعد وفاة زوجها وقال لها السيد الرئيس أنت شرفت الرجال والسيدات.

وأخيرا تحية واجبة للمرأة المصرية الشجاعة الصابرة الصامدة ولأمهات الشهداء والجرحى اللاتي قدمن فلذات الأكباد فداء للوطن وثمنا لأمنه وتقدمه وازدهاره ، تحية لتلك المرأة التي أنجبت وطنا راسخ الحدود والركائز منذ مطلع التاريخ إلى اليوم ، وربت أمة منحت البشرية حضارة الزراعة والبناء والكتابة والعلوم ولاح على ضفافها فجر الضمير .