الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر وأفريقيا.. عرى لن تنفك


أبدا ودوما ستظل العلاقة بين مصرنا الحبيبة وقارتها الافريقية، علاقة ود، ووحدة، وعرى متسقة لا انفصام فيها، يحكمهما في هذا تاريخهما وجغرافيتهما وهويتهما الضاربة والمتجذرة في أرض التاريخ، ولم أجد تعريفا جامعا شاملا لعلاقة وسياسة مصر بقارتها الأفريقية أفضل من تعريف الهيئة المصرية العامة للاستعلامات بأن انتماء مصر لمحيطها الأفريقي يتجاوز الأبعاد الجغرافية والتاريخية التقليدية، حيث يعد هذا الانتماء مكونا رئيسيا من مكونات "الهوية" المصرية على مر العصور، وعنصرا محوريا في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية، تلك الهوية التي تشكلت من خليط عربي اللغة، وإسلامي وقبطي الديانة، وبحري متوسطي، ونيلي إفريقي، وإذا كانت مصر عربية الهوية، فإنها دولة عربية في أفريقيا، كانت وستظل عنصر ربط بين العروبة والأفريقية، عنصر امتداد أفريقي في العالم العربي، وعمق عربي في أفريقيا.

لذا وجدنا الاهتمام المصري بقارتها الأفريقية عالى الشأن منذ القدم التاريخى، وها هو ذا ومع تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى هذا العام يرتفع مؤشر ترمومتر العلاقات ارتفاعا كبيرا، ينبئ ويفصح عن صدق هذه العلاقة، وهذا الجسد الواحد الذى اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وانطلاقا من هذه الحقائق تنطلق اليوم، وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي فعاليات ملتقى الشباب العربي والأفريقي في مدينة أسوان، وحتى الثامن عشر من شهرنا الجارى، حيث يعد الملتقى إحدى فعاليات منصات منتدى شباب العالم، التي تدور فكرتها حول منح الشباب المصري ونظرائه في جميع أنحاء العالم فرصة لتطوير ودعم أفكارهم المختلفة في جميع المجالات، وذلك من خلال تنظيم فعاليات عدة على مدار العام.

الملتقى يأتي تنفيذا لتوصيات منتدى شباب العالم الذي عقد في نسخته الثانية في نوفمبر 2018 بمدينة السلام شرم الشيخ، التي نصت على إقامة ملتقى للشباب العربي والافريقي بمدينة أسوان، وتدور أجندته حول العديد من القضايا والموضوعات التي تهم الشباب الأفريقي والعربي، عبر جلسات نقاشية وورش عمل وطاولات مستديرة تضم القادة من الشباب وصناع القرار في حوار مفتوح عن أهم ما يشغل الشباب في العالم العربي والقارة السمراء.

كما يضم الملتقى العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية، وتقام جولات سياحية للمشاركين، في مدينة أسوان، احتفالا بكونها عاصمة الشباب الأفريقي لعام 2019، فيبدأ الملتقى اليوم، بفعالية مناسبة تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، ثم تناقش فيه وعبر جلساته المختلفة "آفاق جديدة"، "مستقبل البحث العلمي وخدمات الرعاية الصحية"، و"وادي النيل ممر للتكامل الإفريقي والعربي"، وأثر التكنولوجيا المالية والابتكار على أفريقيا والمنطقة العربية، وكيف تكون رائد أعمال ناجحا، وريادة الأعمال المجتمعية من منظور إفريقي، وتنفيذ أجندة الشباب والأمن والسلم في منطقة الساحل.

هذه الفعاليات الدولية سبقها أيضا أنشطة ريادية مصرية تعزيزا لقامة وقيمة مصر في قارتها، إذ صرح الدكتور محمد القرشي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، بأن مصر تبذل جهدًا كبيرًا في التعاون الزراعي مع الدول الأفريقية، مشيرًا إلى إنشاء 9 مزارع نموذجية تجريبية تطبيقية للأبحاث المصرية في أفريقيا، وأن الوزارة تستهدف الوصول إلى 21 مزرعة بحلول عام 2020، موضحا أن الهدف من هذه المزارع ليس اقتصاديا بالمقام الأول وإنما سياسي لتنسيق التعاون وتوحيد الجهود ونقل الخبرات المصرية إلى أفريقيا.

وفى الرابع عشر من ديسمبر العام الفائت كان افتتاح معرض التجارة البينية الأفريقية، بالإضافة الى معرض الغذاء في أفريقيا، حيث أكد الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن العلاقات المصرية الأفريقية تشهد حاليا تطورا كبيرا من خلال إنشاء مزارع مشتركة مع الدول الأفريقية، بما يحقق مجموعة من الأهداف منها ما يتعلق بالشق التنموي والمتمثل في نقل التكنولوجيا الزراعية المصرية، وفتح أسواق الدول الأفريقية أمام المنتجات الزراعية المصرية، والوصول إلى المزارعين الأفارقة لتنمية الإنتاج الزراعي لديهم، وتحسين الدخل الاقتصادي وبالتالي المشاركة المصرية في برنامج التنمية المستدامة بتلك الدول المنتشر بها مزارع مشتركة مثل زامبيا، والكونغو الديمقراطية، وزنجبار، وأوغندا، و إريتريا، و مالي، و النيجر، و توجو، وأن خطة المشروعات التنموية لهذا العام تتمثل في إنشاء مزارع في كل من تنزانيا والسنغال وزامبيا وبوركينافاسو، وشق استثماري تعاونى في مجال الإنتاج الحيواني.

ثم ها هي جامعة الأزهر تدشن الخميس أمس الأول، الأولمبياد الأول لشباب الجامعات الأفريقية، بالتعاون مع اتحاد الجامعات الأفريقية، لتستمر منافساته حتى الثامن عشر من مارس الحالي، وتأتي هذه الأولمبياد، التي تعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ضمن سلسلة من الفعاليات والأنشطة التي ينظمها الأزهر الشريف بمناسبة تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي وإعلان 2019 "عاما لشباب أفريقيا"، كما شهدت جامعة الأزهر الثلاثاء الماضي، فعاليات افتتاح المقر الإقليمي لاتحاد الجامعات الأفريقية بجامعة الأزهر والتى أكد فيها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن "تدشين مقر اتحاد الجامعات الأفريقية في مصر حدث تاريخي، يأتي في إطار التأكيد على عمق العلاقات المصرية بكل دول القارة السمراء، وانفتاحها على الثقافات والحضارات والأديان المختلفة"، كما تحتضن جامعة الأزهر في يوليو المقبل المؤتمر الدولي للتعليم العالي بالقارة الأفريقية، الذى يعقده اتحاد الجامعات الأفريقية كل عامين.

وهكذا ستظل العلاقات المصرية الأفريقية تعكس تلاحما قويا بين أبناء القارة السمراء وتعاونا مستقبليا كبيرا على جميع الأصعدة في عرى لا انفصام لها إلى قيام الساعة، فحفظ الله مصرنا الحبيبة، وجعلها دائما يدا عليا تجود بالخير، والنماء، والعطاء اللامحدود، في شتى المجالات على أشقائها الأفارقة، والعرب، والدنيا كلها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط